مذاهــب الجبرية وأدلة وجودها
(1) معنى الجبرية وأدلة وجودها
(أ) معنى الجبرية
من الأفعال التى يقوم بها الإنسان ما يكون حراً فى القيام بها ، أو الإمتناع عنها بمحض إرادته واختياره، ومن الأفعال ما يجد الإنسان نفسه مضطراً ومجبراً على القيام بها وممارستها دون إرادته ( مثل الشهيق والزفير ودقات القلب وإفراز اللعاب والانضباط فى العمل والإنتظام فى الدراسة ... إلخ ) وهذا هو معنى الجبرية أو الحتمية .
ويفرق الفلاسفة المحدثون بين ( مفهوم الجبرية ) و ( مفهوم الحتمية ) .
ں فالجبرية تقال على السلوك الإنسانى : بمعنى أن الإرادة العاقلة للإنسان تكون عاجزة عن الإختيار أو التحكم فى سلوك وأفعال صاحبها ، وأن الفرد قاصر (عاجز) عن توجيه مجرى الأحداث ( لماذا؟) : لأنه خاضع لمؤثرات وظروف خارجية معينة خارجة عن إرادته ، وهى قد ترجع إلى قدرة الله (كما قال جهم بن صفوان) . أو ظروف المجتمع ( كما قال هيوم ) . أو إلى الطبيعة الخارجية .
ں أما الحتمية فهى تقال على العالم الطبيعى : بمعنى أن كل ظاهرة طبيعية تكون مقيدة بشروط معينة تحتم حدوثها بالضرورة فى شكل محدد فإذا توافرت الشروط حدثت الظاهرة . فإذا توافرت الحرارة للمعدن تمدد . وكذلك ظواهر : (الكسوف) و (الخسوف).
(ب) أدلة وجود الجبرية عند الإنسان
ں الدليل الجسمى
وهو يتمثل فيما يقوم به الجسم أو يمتنع عنه رغم إرادة الإنسان ، مثل :
الأكل لإشباع دافع الجوع ، والشرب لإشباع دافع العطش .
الأفعال اللاإرادية ، كدقات القلب والتنفس وإفرازات الغدد ...إلخ .
الأفعال المنعكسة ، كالرعشة عند التعرض لتيار بارد ، وإغلاق العين عن تعرضها لضوء شديد .
الصفات الوراثية التى يرثها الأبناء عن الآباء ، وكذلك بعض الأمراض الوراثية
ں الدليل النفسى :
ما يقوم به الإنسان أو يمتنع عنه – دون إرادته – لأسباب نفسية ، مثل :
الهرب والرجفة عند الخوف المفاجئ
ما يصدر من سلوك عند الشخص المتشائم أو المتفائل .
شعور الإنسان بالعجز والاستسلام والخضوع أمام كوارث الطبيعة .
ں الدليل الإجتماعى :
وهو يتمثل فى خضوع الفرد للعادات والتقاليد والعرف والقيم السائدة فى مجتمعه .
الإستسلام لبعض خصائصه التى فرضها عليه ظروف ميلاده ( كاللغة والدين والوالدين والأسرة والطبقة التى ينتمى إليها ... إلخ ) .
ں ويمثل الجبرية فى العصر الحديث : الفيلسوف الإنجليزى هيوم .
[2] مذاهب الجبرية فى العصر الحديث
ظروف نشأة الجبرية الحديثة :
ظهرت فى أوروبا فى العصر الحديث مجموعة من الظروف أدت إلى ظهور الجبرية ، منها
(1) الإنقلاب الصناعى :
مع ظهور الإنقلاب الصناعى وانتشار الآلية فى الصناعة ، كان رد الفعل هو ظهور مذاهب الجبرية حيث أصبح العمال خاضعين لسيطرة الآله وأصحاب رأس المال .
(2) اكتشاف حتمية حركة الإفلاك :
أكدت أبحاث نيوتن وكوبرنيكس أليه وحتمية حركة الكواكب والإفلاك وجاذبية الأرض ، مما ساعد على نقل التفسير الجبرى إلى سلوك الإنسان .
(3) اكتشاف الحتمية فى علم الحياة :
أثبتت الإكتشافات العلمية الحديثة فى علم الكيمياء العضوية أن ( الخلية الحية هى نتاج حتمى لتفاعلات كيماوية تخضع لقوانين محددة ) .
(4) إتساع التفسير الآلى لسلوك الإنسان :
فى عام 1879 نجح فونت فى إنشاء أول معمل تجريبي فى علم النفس ، وبذلك اتجه تفسير الظواهر السلوكية عند الإنسان تفسيراً آلياً ، على أساس ارتباطها بالتغييرات الفسيولوجية للجسم ، كما أن المدرسة السلوكية ردت الظواهر النفسية إلى سلوك حتمي ناتج عن علاقات آليه للجهاز العصبي و للعوامل المادية التى نتجت عنه هذه الظواهر بطريقة حتمية ، وبذلك انهارت فكرة حرية الإرادة الإنسانية .
(5) أبحاث دارون فى التطور الحتمى للإنسان ، وأبحاث مندل واكتشافاته لقوانين الوراثة
وحتمية تأثر الأبناء بما يرثونه من صفات الآباء ، دون أن يكون لهم فى ذلك إرادة أو حرية
ں ونتيجة لهذه الظروف التى سادت أوروبا فى العصر الحديث ، ظهرت المذاهب الفلسفية التى قالت بالجبرية ، وأكدت أن الإنسان مجبراً فى حياته وليس حراً فى اختياراته ، ويمثل هذا الإتجاه فى القرن الثامن عشر الفيلسوف الإنجليزى هيوم
الحبرية عند ديفيد هيوم ( 1711 – 1776)
كان هيوم من أبرز فلاسفة الفلسفة الجبرية الحديثة فى عصره ، وقد تأثر فى فلسفته بمبدأ الضرورة الآلية فى سلوك الإنسان ، وكان بذلك يعكس الإتجاهات التجريبية المادية التى كانت سائدة فى عصره .
المعرفة البشرية وتداعى المعانى والسببية
(أ) المعرفة البشرية :
يرى هيوم أن المعرفة البشرية تحدث بطريقة آليه عندما ( يستخلص ) العقل ( الأفكار الكلية المجردة ) من خلال ( الجزئيات المادية ) التى ندركها فى الواقع عن طريق الحواس ، ويتم ذلك بطريق آليه .أى أن الضرورة الحسية المادية هى التى تتحكم فى الفكر المعنوى داخل العقل . ( فنحن مثلاً نستخلص [ مفهوم الإنسان ] من [ ملاحظة شخصيات حسية مادية فى الواقع ] مثل : ( رامى – وليد – أيمن – فايز ... إلخ ) .
(ب) قانون تداعى المعانى :
إن إدراك معانى الأشياء الخارجية لا يتم بطريقة عشوائية ، وإنما يخضع لعوامل معينة تؤدى إلى تسلسل الأفكار ، حيث يؤدى معنى معين إلى معنى آخر يرتبط به فى علاقة تشابه أو تسلسل ... إلخ ...
وتتسم قوانين التداعى – مثل قوانين الجاذبية – بالحتمية – حيث تكون وظيفة العقل هى تقبل المدركات الحسية ليكون منها المعانى بطريقة آليه .
(جـ) قانون السببية :
وهو يعنى أن ( لكل معلول علة ) وقد قال به أرسطو ، ولكن هيوم يرى أن هذا الربط بين ( المعلول) و (العلة) يتم بطريقة آلية نتيجة لتعود الناس على تكرار مشاهدة ( الحدث الثانى ) يعقب ( الحدث الأول) وإن هذا الربط بين (ما يسمى بالعلة والمعلول) هو ربط خاطئ ، ( فالسببية ) غير موجودة فى العالم الخارجى .
آليه وحتمية الأفعال الإنسانية
يترتب على الأفكار السابقة ما يلى :
قرر هيوم أن الأفعال الإنسانية آليه أيضا لا تحدث نتيجة إرادة حرة تختار للإنسان ، وإنما هى تخضع لظروف الجسم وإدراكه للعالم الخارجى .
إن الأفعال العقلية الإرادية لا يمكنها أن تكون محركاً للأعضاء المادية فى الجسم وإنما هى نتيجة لنشاط الجسم والحواس .
إن الحرية المزعومة للفعل الإرادى هى فى حقيقتها عمل طبيعى إلى تحكمه أحداث محسوسة تتمثل فى العلاقة الضرورية القائمة بين الدوافع والبواعث وبين الأفعال .
إن معرفة البواعث تمكن الإنسان من التنبؤ بشكل الأفعال والتحكم فيها دون أى اعتبار بوجود ( إرادة حرة ) ، ( فلا توجد إرادة حرة للإنسان ) ، وإنما توجد ( علاقات ضرورية حتمية بين البواعث والأفعال ) تؤدى إلى نتائج حتمية فى سلوك الإنسان .
مـــــــــذاهــــــــــــــــب الحـــــــــــــــــريـــــــــــة
(1) معنى الحرية الفردية وأدلة وجودها
(أ) طبيعة الحرية وتعريفها :
اختلف الفلاسفة فى تعريف الحرية ، وقال بعضهم أنه لا يمكن تعريفها ، ويكتفى بممارستها باعتبار أنها حقيقة يعيشها الإنسان .
وقال آخرون أنه لكى نفهم معنى ( الحرية ) يجب مقابلتها ( بالجبرية ) فالإنسان يكون حراً فى اختيار أفعاله إذا كان حراً فى القيام بها أو الإمتناع عنها بمحض إرادته واختياره . ويكون مجبراً على أفعاله إذا كان مضطراً إلى القيام بها أو الإمتناع عنها رغم إرادته . ومن أشهر تعريفات الحرية : ( الحرية هى الإرادة الفردية التى تختار الفعل وتميزه عن روية وتدبر ، مع إمكان عدم اختياره أو القدرة على اختيار نقيضة .
(ب) أدلة وجود الحرية :
* الدليل الجسمى :
هناك إلى جانب الأفعال اللاإرادية والأفعال المنعكسة التى يقوم بها الإنسان دون إرادته ، أفعال أخرى إرادية يقوم بها الإنسان تؤكد حرية الإرادة عنده ، مثل القدرة على تحريك أعضاء الجسم ، والقدرة على علاج الكثير من الأمراض دون الخضوع لقيود المرض تماماً .
الدليل النفسى :
إن شعورنا الداخلى بأننا نسيطر على أفعالنا بصفة عامة ، ونمتلك إرادة حرة تجعلها نختار هذا الفعل ولا نختار ذلك ، دليل على حرية الإرادة عند الإنسان ، ويترتب على هذا الشعور بحرية الإنسان أننا نحمل الناس مسئولية نتائج أفعالهم باعتبار أنهم قاموا بها بإرادتهم الحرة .
الدليل الإجتماعى :
إن وجود وسائل الضبط الإجتماعى فى المجتمع ( مثل العرف والقوانين ) تعنى – ضمناً – أن الإنسان حر ومسئول عن أفعاله . فالنهى عن السرقة والكذب والنميمة يفترض أن الإنسان حر فى أن يقوم بها أو يمتنع عنها ، وأنه يتحمل مسئوليتها ، وعلى أساس هذه الحرية يتم الثواب والعقاب . ويمثل الحرية فى العصر الحديثجان جاك روسو) ويمثلها فى العصر الحاضر : ( جان بول سارتر)
[2] مذاهب الحرية فى العصر الحديث
جان جاك روسو ( 1712 – 1778)
( فيلسوف وسياسى ومفكر فى التربية )
(أ) أسباب وظروف دعوة روسو إلى الحرية
عاش الفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو فى فرنسا فى القرن الثامن عشر ، وكان من أكبر دعاة الحرية فى عصره ، وقد أدت أفكاره إلى قيام الثورة الفرنسية .
وتتمثل دعوته إلى الحرية فيما يلى :
أولاً : التمرد على رذائل وقيود التقدم الحضارى :
يرى روسو أنه فى المجتمعات البدائية كان الإنسان يعيش بكامل حريته ، ويمارس الفضيلة بفطرته والخير ، ويحاكى الطبيعة ، ويعتمد على نفسه فى سد احتياجاته .
وعندما تجمع البشر وتقدم المجتمع وظهرت الحضارة وتقدمت العلوم والفنون ، فقد الإنسان حريته وسعادته وخيريته ؛ نتيجة انتشار الترف الذى أدى إلى فساد الأخلاق وانحلال المجتمع وتفشى الرذائل ، ثم انتهى إلى ( دكتاتورية الأثرياء ) وسيطرتهم على بقية المجتمع . ولكى يسترد الإنسان حريته وخيريته وسعادته يجب الرجوع إلى الحالة الطبيعية الأولى والتحرر من قيود المجتمع .
ثانياً : الثورة على الحكم الملكى المستبد والحق الإلهى المقدس :
كانت نظرية (الحق الإلهى المقدس ) للملوك مبرراً لاستبداد ملوك اوروبا فى شعوبهم فى ذلك الوقت ، بإعتبار أن (الله فوض الملك فى حكم الشعب ) ولا يجوز للشعب أن يثور عليه ، لأنه ( ممثل الله فى الأرض) كما يجب إطاعة أوامر ونواهى الملك ، وكل ذلك أدى إلى استبداد ودكتاتورية الملوك على حساب حرية الأفراد .
ثالثاً : تأكيد أهمية العقد الإجتماعى والديمقراطية فى الحكم :
رفض روسو مقدماً فكرة ( الحق الإلهى المقدس ) وقال بنظرية ( العقد الاجتماعى ) ، فالإنسان ولد حراً ، ولكنه نتيجة لظروف الصيد وغارات الحيوانات الوحشية وما تطلبته مرحلة الزراعة فيما بعد ومرحلة الصناعة ، اضطر الفرد للتعاون مع أفراد المجتمع الآخرين لكى يعيش .
وقد نتج عن ذلك أن هؤلاء البشر اتفقوا – فيما بينهم – على اختيار بعض الأفراد منهم ليتخصصوا فى تنظيم المجتمع وإدارته ، وذلك بمقتضى ( عقد عرفى ) يتنازل فيه الأفراد عن بعض حقوقهم طواعية ( بإرادتهم ) مقابل حمايتهم وتنظيم شئونهم ، بشرط أن يحافظ الحكام المختارون على الحريات الأساسية للأفراد ، وإذا اعتدى الحاكم على حريات الأفراد حق للشعب خلعه ( أى عزلة ) واختيار حاكم آخر بدلاً منه ، وبهذا يكون روسو قد مهد لثورات الشعوب على حكامها كما مهد لقيام الثورة الفرنسية
(ب) وسيلتا إصلاح المجتمع عند روسو
أولاً : التربية ودعم الحرية والأخلاق الطبيعية :
قرر روسو أن وسيلة تدعيم الحرية عند الفرد هى ( التربية ) وهى التى يمكنها القضاء على مفاسد المجتمع ورذائل الحضارة وإعادة تكوين هؤلاء الأفراد من جديد ، وفى نفس الجو الطبيعى الذى عاش فيه الإنسان البدائى وبذلك تعود إليه طبيعته الخيرة وشعوره بالحرية ، ولذلك نادى روسو بتأكيد حرية الطفل فى ممارسة سلوكه واكتساب خبراته فى جو طبيعى بدون تأثيرات صناعية مقصودة ، أما بقية مراحل التربية فتهتم بتعويد الفرد الاعتماد على نفسه ليصبح إنساناً يشعر بحريته شعوراً حقيقياً .
ثانياً : الديمقراطية والحكم وفقاً لمبادئ العقد الاجتماعى :
إن تحقيق الحرية لكل أفراد الشعب يمكن أن يتم من خلال النظام الديمقراطى و، وليس النظام الدكتاتورى الذى يسلب الأفراد حريتهم والديمقراطية تمنح الأفراد حريتهم ، لأنهم قادرون على تنحية (استبعاد) الهيئة الحاكمة إذا حرمتهم من هذه الحرية ، وذلك وفقاً للعقد الاجتماعى العرفى بين أفراد المجتمع وبين الحاكم .
ويعتقد روسو أن الديمقراطية بمعناها الصحيح والكامل لن تتحقق إطلاقاً ، ولكن يمكن الإقتراب منها ، وللديمقراطية – إلى جانب مزاياها – بعض المساوئ مثل سرعة تغيير الحكومات بكثرة وقابلية التعرض للحروب الأهلية .
ومع ذلك فهو يرى أن مساوئ الديمقراطية أفضل من عيوب العبودية ، وهو يقول :
« إنى أفضل الحرية مع الخطر ، عن العبودية مع السلم » .
[3] مذاهب الحرية فى العصر الحاضر
m
إن المذاهب الفلسفية المعاصرة عن الحرية – التى تنتشر حالياً فى الحضارة الغربية المعاصرة فى وقتنا الحاضر – إنما ترتد ( أى ترجع ) إلى جذور اجتماعية واقتصادية وسياسية ، وترتبط بظروف التقدم العلمى والصناعى السريع ، وتعكس كل أحداث القرن العشرين فى المجتمع الغربى المعاصر ويمثل فكر سارتر نموذجاً لثورة الفرد وتمرده على قيود الحضارة .
جان بول سارتر ( 1905 – 1980)
وتأكيد الحرية الفردية
(أ) عوامل وظروف نشأءوجوديه سارتر
يدعو سارتر إلى تأكيد الحرية والفردية ، وذلك من خلال الظروف التى عاشها فى فرنسا والتى تمثلت فيما يلى :
أولاً : التقدم العلمى وسيطرة الآلية على الإنسان :
ظهرت الوجودية كرد فعل لإنتشار الآليه التى ارتبطت بالتقدم العلمى التكنولوجى ، والتى نتج عنها دراسة الإنسان بما فيه من طاقات متفجرة .
حاولت الوجودية أن تعيد الأنظار ثانية نحو أهمية دراسة ( الوجود الإنسانى ) بدلاً من ( الإنغماس فى العالم ) كما حاولت العودة بالإنسان إلى حيويته التى كاد يفقدها بسبب التقدم العلمى وانتشار الآلية وتحكمها فى مختلف جوانب الحياة.
ثانياً : الحرب العالمية الثانية وتخريب الإنسان :
نتيجة التركيز على الجانب العلمى وسيطرة الآله وإهمال الجانب الإنسانى ، قامت الحرب العالمية الثانية وانقسمت دول العالم إلى جبهتين متحاربتين .
وفى الحرب هزمت ألمانيا فرنسا واحتلت أراضيها ، وتحول الشعب الفرنسى كله إلى محاربين فى المقاومة الشعبية ، واتجه الفكر والأدب والفلسفة والفن فى فرنسا لخدمة حرب التحرير .
انضم سارتر وبقية الفلاسفة والمفكرين إلى صفوف المقاومة الشعبية ، حتى تحقق لفرنسا وحلفائها الانتصار على الألمان .
وفى هذه الفترة تحولت الفلسفة فى فرنسا وأوروبا من البحث فى عالم الميتافيزيقا أى ما وراء الطبيعة إلى البحث فى عالم ( الإنسان ومصيره ) .
وقد اهتم سارتر (بدراسة الوجود الإنسانى)، وبحث حدود حرية الفرد وماهيته ، وذلك بهدف تحديد مسئوليته الإنسان عن هذه الحرب وما صاحبها من دمار أصاب البشرية .
ثالثاً : بداية الإنهيار التدريجى للحضارة الغربية :
إن كل حضارة مهما بلغت قوتها تنطفئ تدريجيا بعد أن تستنفد غالبية طاقاتها ، وهذا ما حدث للحضارة الغربية المعاصرة ، حيث ظهرت فى ثناياها الدعوة إلى اللامعقولية ، وانتشر العبث واللامبالاة فى كثير من جوانب المجتمع الغربى .
[ب] خلاصة رأى سارتر فى الحرية
نتيجة للظروف السابقة صاغ سارتر فلسفته الوجودية ليؤكد أهمية الوجود الفردي للإنسان ، ويدعوه إلى التمرد على سيطرة المجتمع ، ويشعره بكيانه المستقل ، ويدعم حرية الإنسان ، وتتمثل الخطوط العامة لفلسفة سارتر فيما يلى :
القضية الأولى : الإنسان حر لأن وجوده أسبق من ماهيته :
يرى سارتر أن الإنسان بطبيعته حر تماماً، وهو الذى يصنع بنفسه هذه الحرية ، وهو أيضا يختار بنفسه ماهيته الخاصة وصفاته المميزة له، دون أى اجبار من غيره عليه .
و (ماهية الإنسان) هى صفاته الأساسية الخاصة التى تميز شخصيته عن غيره من الأفراد .
فالإنسان هو الذى يختار ماهيته بإرادته الحرة ( كأن يكون شجاعاً أو جباناً موظفاً أو تاجراً ، متعلماً أو جاهلاً ... إلخ) .
(الوجود الإنسانى) يتمثل فى الخروج بالإنسان إلى الحياة .
وقد كانت الفلسفة التقليدية عند اليونان ترى أن ( الماهية تسبق الوجود) .
أما الفلسفة الوجودية فهى ترى أن (الماهية تسبق الوجود فى كل شئ ماعدا الإنسان فإن وجوده يسبق ماهيته).
أى أن الإنسان يولد (أى يوجد) أولاً وتتحدد فيما بعد صفاته ، حيث يترتب على وجود الإنسان أولاً فى العالم أن تظهر ماهيته وخصائصه التى يصنعها بنفسه ويختارها بإراداته الحرة ، دون أن يكون للظروف الخارجية أى تأثير فى اختيار وصنع ماهيته .
وقد كان سارتر يهدف من وراء ذلك إلى تحميل الشعب الفرنسي مسئولية هزيمتهم من الألمان، فالهزيمة لم تكن قدراً عليهم، ولكنهم كان يمكنهم اختيار النصر بدلاً من الهزيمة .
القضية الثانية : الإنسان مسئول عن افعاله ويتحمل نتائجها :
مادام الإنسان حراً يختار أفعاله بنفسه ، فهو إذن يتحمل مسئولية تلك الحرية وهذا الاختيار ؛ لأنه بدون تحمل المسئولية سيجعل الحرية التامة للفرد تؤدى إلى فوضى عامة ودمار شامل للمجتمع
فالحرية الكاملة تستتبع المسئولية الكاملة .
القضية الثالثة : مسئولية الاختيار تولد القلق عند الإنسان :
إن حرية اختيار الفرد لما يفعله ترتبط بتحمل مسئولية ما يختاره وما يفعله ، وهذا يؤدى به إلى (القلق والخوف) من نتائج هذا الاختيار وتلك المسئولية مثل القائد الذى يتخذ بكامل حريته قرار الحرب ولذلك فهو يتحمل نتائج قراره . ( فالقلق مصاحب للمسئولية ) ولكن بدرجات متفاوته ، والقلق شئ طبيعى فى حياة الإنسان الحر المسئول ، وهو يختلف عن القلق المرضى الذى يؤدى إلى الاستكانة واللافعل . لكنه يعنى القلق البسيط الذى يعرفه كل من تحمل مسئولية .
والإنسان يظل طوال حياته يعيش فى قلق دائم ، طالماً أنه حر يختار ويتحمل مسئولية اختياره
ويلاحظ أن مفهوم الحرية عند سارتر – وخاصة القلق - تحول إلى قلق مرضى فى المجتمع الأوروبى عقب الحرب العالمية الثانية ، فأحدث به تفككاً وانتشرت حركات اللامعقولية واللامبالاة وبعض الأفعال الغريبة الشاذة التى كانت تستهدف تحاشى هذا القلق .
[1] الإتجاه الحسى والإتجاه الاجتماعى
فى الإلــــــــــــزام الخلقـــــــــــــــى
(أ) مفهوم السلوك الإنسانى :
ليس المقصود بالسلوك الإنسانى ، هو ما يصدر عن الإنسان من أفعال بطريقة عشوائية ، فالسلوك الإنسانى (سلوك إرادى) (منظم) يستطيع الإنسان أن يتحكم فى معظمه ، ويكون السلوك الإنسانى (اخلاقياً ) إذا كان يدور حول ( الخير والشر والفضيلة والرذيلة ) إلخ .
مفهوم الإلزام الخلقى :
الإلزام الخلقى معناه أنه يجب أن يتمنع الفرد عن القيام بسلوك معين ( مثل : الكذب : والخيانة والسرقة ... إلخ ) ، وذلك ( لدافع معين ) يحس هو به ويوجب عليه هذا الإمتناع .
أو إنه ينبغى أن يقوم بسلوك معين ( كالإحسان ومساعدة الضعيف ) . وذلك لسبب معين يوجب عليه ذلك .
أما هذا السبب فقد يكون ( نواهى الدين ) أو ( عقوبات القانون ) أو ( تقاليد المجتمع ) أو ( العقل ) .. إلخ .
(ب) تعدد مصادر الإلزام الخلقى بتعدد مكونات الشخصية :
1- الجانب الجسمى
يرى بعض الفلاسفة ان مصدر الالزام الخلقى هو اللذة الحسية التى ترتبط باعضاء جسم الانسان واحساساتة ودوافعة الاولية وشهواتة وهو ما يرتبط بالجانب الجسمى فى الإنسان
2- الجانب الاجتماعى
يرى فلاسفة اخرون ان مصدر الالزام الخلقى هو الضوابط الاجتماعية التى تتمثل فى القانون والعادات والعرف ...الخ وهو ما يرتبط بالجانب الاجتماعى فى الانسان
3- الجانب الوجدانى
يرى فريق ثالث إن مصدر الإلزام الخلقي هو العاطفة التى تتمثل فى الانفعالات والعواطف والميول ...الخ وهو ما يرتبط بالجانب الوجداني فى الإنسان .
4- الجانب العقلى :
يرى فريق رابع من الفلاسفة أن مصدر الإلزام الخلقي هو العقل بمبادئه المطلقة وما يحتوى عليه من قدرات عقلية وقوى فكرية ، وهو ما يرتبط بالجانب العقلي في الإنسان .
[2] مذهب المنفعة العامة
( جيرمى بنتام وجون ستيوارت مل )
(أ) ظروف نشأة المذهب ومعالمه
(1) أدى ظهور المنهج التجريبى فى انجلترا فى عصر النهضة إلى انبهار الفكر الأوربى بهذا المنهج فى مجال العلوم الطبيعية مما دفعهم إلى محاولة استخدامه فى دراسة الإنسان
(2) حاول بعض المفكرين الإنجليز تحويل دراسة الأخلاق من ( المنهج الفلسفى التأملى) إلى ( المنهج العلمى التجريبى )
(3) قام جيرمى بنتام وجون ستيوارت مل ( وهما من رجال الإقتصاد فى إنجلترا ، ومن أتباع مذهب المنفعة العامة أو المدرسة النفعية الإنجليزية ) بدراسة الأخلاق على أساس تجريبى نفعى مادى ، بما يتفق مع ظروف العصر.
ں أبرز معالم المذهب النفعى فى الأخلاق :
يقوم المذهب النفعي فى الأخلاق على أساس أن ( اللذة ) أو ( المنفعة ) هى ( الخير الأقصى ) وأنها مطلوبة لذاتها . بينما (الألم) أو (الضرر) يمثلان ( الشر) الذى يجب أن نتحاشاه .
إن (أخلاقية الفعل ) تتوقف على نتائجه وآثاره فقط ، وأن (اللذة أو المنفعة ) هى مقياس خيرية الفعل
(ب) طبيعة الأخلاق ومصدر القيم
أولاً : (اللذة) (أو المنفعة ) هى ( الخير الأقصى) أخلاقياً :
1- يرى أصحاب مذهب المنفعة أن غاية الأخلاق ، هى تحقيق الخير الأقصى ، وهو ( السعادة) ولكنهم اختلفوا فى تحديد ( معنى السعادة ) البعض آخر يرى أنها ذات طابع عقلى ، والبعض الآخر يرى أنها تتمثل فى التضحية بالذات ، أما أصحاب مذهب المنفعة ، فإنهم يرون أنها ( كل فعل يحقق لصاحبه أكبر قدر ممكن من (اللذة) أو (المنفعة) .
2- اختلف النفعيون أيضا حول ( مفهوم اللذة ) قال بعضهم أنها حسية ( أى نحصل عليها بواسطة الحواس) وقال آخرون إنها عقلية ( أى نحصل عليها عن طريق العقل).
ثانياً : الأنانية هى مبدأ الحياة الإنسانية :
إن الإنسان بطبيعته ( أنانى) يبحث عن سعادته الخاصة ولذاته الشخصية، ونتيجة لذلك يتفادى الإنسان كل ما يسبب له ألماً أو ضرراً ، وعلى ذلك فإن الإلزام يتحقق نتيجة تحاشى الفرد ( لإستهجان الجماعة ) للسلوك غير السوى إذا صدر عنه ، إن أقصى أمل أخلاقى للفرد ، هو أن يحقق ( منفعته الخاصة ) من خلال ( المنفعة العامة ) للجماعة .
ثالثاً : نتائج الفعل هى مصدر الإلزام الخلقى:
إن الجزاء – كما يشمل العقاب – يشمل الثواب أيضا.
إن القيمة الأخلاقية للفعل تتحدد فى نتائجه ، وما يترتب عليه من جزاء ( ثواباً أو عقاباً ) .
فالفرد يتحاشى فعل ما يسبب له (عقاباً ) أو ( ضرراً ) أو ( ألماماً ) .
كما أنه يقدم على ما يسبب له (نفعاً) أو (لذة)
إن هذا الإقدام على الفعل أو الإحجام عنه،هو ما يتفق مع طبيعة الإنسان الذى يبحث بفطرته عن (اللذة) أو (المنفعة)
(جـ) نقد مذهب المنفعة العامة
أولا: ( اللذة) لا تصلح مصدراً للإلزام الخلقى عند الإنسان :
إن اللذة الحسية لا تصلح أبداً أن تكون مصدر الإلزام الخلقى أو منبع القيم الأخلاقية لأسباب كثيرة منها .
أن الأخلاق تكون إنسانية بقدر ارتباطها بما يميز الإنسان عن الحيوان .
أن اللذة الحسية ترتبط بالجانب الجسمى فقط ، وهو ليس كل الشخصية فهناك أيضا الجانب العقلى والجانب الوجدانى والجانب الإجتماعى .
أن الجانب الجسمى يشترك فيه الحيوان مع الإنسان والأخلاق تكون إنسانية بقدر ارتباطها بما يميز الإنسان عن الحيوان .
ثانياً : (المنفعة) اتجاه أنانى برغم محاولات تطويره :
بالرغم من محاولة النفعيين تأكيد أن الأنانية يمكنها أن تجعلنا نحقق من خلالها المنفعة العامة لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع ، فإن فى ذلك مغالطة واضحة لتبرير الأنانية
لأنه ليس من المؤكد أن ما يحقق ( المصلحة الخاصة ) للفرد ، يحقق فى نفس الوقت (المصلحة العامة للجماعة ) .
وبناء على ذلك لا يمكن أن يقوم تأسيس الأخلاق على أساس الأنانية .
ثالثاً : إغفال القيم الإنسانية السامية والأخلاق الرفيعة :
إن اتجاه النفعيين إلى اللذة والمنفعة والأنانية كأساس الإلزام الخلقى ، أدى إلى سلبيات كثيرة في المجتمع لا يمكن قبولها.
* فهو يغفل القيم الإنسانية السامية ں وهو يطرح جانب الأخلاق الرفيعة .
ں وهو يهمل قيمة العقل ويتجاهل دور الدين وضوابط المجتمع .
ں وهو يهمل ويهدم المثل الأخلاقية التى حازت من قبل على تقدير كل البشر .
[3] مذهب الإجتماعيين الوضعيين
( أوجست كونت – إميل دوركايم – ليفى بريل)
(أ) ظروف نشأة المذهب ومعالمه
1- مع بداية عصر النهضة فى أوربا فى القرن التاسع عشر كانت هناك عدة تيارات فكرية تتنافس فيما بينها مثل : (المثالية)، و (الواقعية) ، و (الحرية) ، و (الجبرية) ، و (الرومانتيكية) و (التجريبية) ... إلخ
2- ونتيجة لإكتشافات ( نيوتن ) لأسرار وقوانين . الطبيعة ودقة منهجة العلمى ونفعية نتائجه للفرد والمجتمع ، ساد التيار العلمى التجريبى على المذاهب الأخرى .
3- ونتيجة لسيادة المنهج التجريبى ، قام بعض مفكرى المدرسة الإجتماعية الفرنسية ( أوجست كونت وإميل دور كايم وليفى بريل) بتطبيقه على سلوك الإنسان وحركة المجتمع ؛ لكشف قوانين السلوك الإنسانى والحياة الإجتماعية ، بدلاً من المنهج التأملى الفلسفى ، الذى ثبت فشله فى هذه الدراسات .
4- فى هذه الظروف ظهر المذهب الاجتماعى الوضعى ، الذى استخدم الأسلوب العلمى والطريقة الوضعية فى دراسة الظواهر الاجتماعية والأخلاقية ومحاولة تفسيرها وكشف القوانين التى تتحكم فى نشأة وتطور المجتمع الإنسانى .
ں المعالم الأساسية للمذهب التجريبى الاجتماعى :
استخدام الأسلوب العلمى الوضعي فى دراسة الظواهر الأجتماعية والأخلاقية بعد أن كانت التفسيرات ( لاهوتيه دينية ) فى المرحلة الأولى من تطور الفكر الإنسانى ، ثم ( فلسفة ميتافيزيقية) فى المرحلة الثانية ( حسب قانون المراحل الثلاث لأوجست كونت) .
(ب) موقف الاجتماعيين الوضعيين من ( علم الأخلاق) و ( الإلزام الخلفى)
تميز موقف الاجتماعيين الوضعيين ( بالطابع التجريبى الوضعى ) الذى تتمثل أهم معالمه فيما يلى كانت الأخلاق تابعة للفلسفة باعتبارها فرعاً من فروع مبحث القيم ؛ ولذلك كان منهجها ( تأملياً تحليلياً ). وكان الفلاسفة يبحثون فى الأخلاق باعتبارها ( علماً معيارياً ) ، أى يحدد للإنسان المبادئ التى يجب عليه أن يسير عليها ؛ لكى يكون سلوكه أخلاقياً يتصف بالخيرية .
رفضت المدرسة الاجتماعية النظرة المعيارية الفلسفية لعلم الأخلاق وقامت ( بنقل الدراسات الأخلاقية ) من ( الفلسفة التأملية ) إلى ( علم الاجتماع الوضعى التجريبى)
ونتيجة لذلك أصبحت الأخلاق لا تهتم بدراسة ( ما يجب أن يكون ) من سلوك أخلاقى ، وانما تهتم بدراسة ما هو قائم فعلاً من ظواهر أخلاقية أفرازها العقل الجمعى للجماعة .
اولاً : الأخلاق علم وضعى تجريبى:
بعد أن أصبحت الأخلاق ( علماً وضعياً ) ، مثل باقى علوم الطبيعة – أصبح من الضرورى تطبيق الأساليب التجريبية المتبعة فى العلوم الأخرى وهى : ( الملاحظة والفرض والتجربة والقانون)
ولما كان التجريب فى علم الاجتماع غير ممكن معملياً ، ( وأنما هو استقراء للظواهر الاجتماعية ، وتتبع واقعى لتطورها ومحاولة كشف قوانينها ... إلخ) فإن الحال يكون كذلك فى علم الأخلاق الوضعى ، فالتجريب فيه لا يكون معملياً أيضا .
لقد أصبحت دراسة علم الأخلاق الوضعى تقوم على الملاحظة العلمية المقصودة لمختلف ظواهر المجتمع ، واكتشاف علاقاتها التأثيرية فى تشكيل القيم الأخلاقية وفقاً لظروف المجتمع .
إن تحليل القيم الأخلاقية يؤدى إلى اكتشاف نشأتها الاجتماعية بوصفها ( ظواهر اجتماعية ) فالأخلاق لا تظهر عند الفرد المنعزل فى جزيرة نائية ، وإنما تظهر وتنشأ فى ظل الجماعة وفقاً لظروفها وظروف المجتمع ، ولذلك يجب دراستها ( بوصفها علماً وضعياً ) .
ثانياً : المجتمع يحدد القيم الأخلاقية :
إن القيم الأساسية والفضائل الأخلاقية ( مثل الواجب والتعاون والعقاب والعفة والطهارة ... إلخ ) ليست فطرية ، ولكنها تظهر نتيجة لظروف معينة فى المجتمع الذى ينشأ فيه الفرد ( وهو : الأسرة – والحى – والمدرسة – والعمل ) ... إلخ .
إن القيم الأخلاقية (ليست مطلقة ) ، ولكنها (نسبية) ، أى تختلف من مجتمع إلى آخر باختلاف ظروف هذا المجتمع عن ذلك .(فالفضيلة) فى مجتمع ما ، قد تكون (رذيلة ) فى مجتمع آخر
(والسلوك الخيرى) فى مكان ما ، قد يكون ( سلوكاً شريراً ) فى مكان آخر .
إن نسبية القيم الأخلاقية لا تعنى انحطاط الأخلاق أو زوالها ( علل) ؛ لأن الأخلاق المختلفة تعنى اختلاف معنى الخير من مجتمع لآخر ، وهذا لا يعنى انتفاء الخير تماماً ، وإنما يعنى ( الخير موجود فى معانى أخرى عديدة ) .
ثالثاً : المجتمع هو مصدرالإلزام الخلقى :
إن مصدر الإلزام الخلقى- عند المدرسة الوضعية الفرنسية- هو ( المجتمع وحده ) فالضمير ( أو العقل الجمعى) يضم كافة المبادئ والقيم والأوامر والنواهى المتعارف عليها ، والمتفق عليها عن أغلب أفراد الجماعة . و(الضمير الجمعى) هو الذى يحدد للإنسان ما يجب أن يمارسه من سلوك و ما يجب أن يمتنع عنه . إن الحياة الأخلاقية تبدأ من حيث تبدأ الحياة الاجتماعية ، وتتحدد اخلاقيات الفرد وفقاً للمبادئ السائدة فى المجتمع .
إن القيم الأخلاقية تخرج من المجتمع وتلزم أفراده باتباعها ، وهذا الإلزام الخلقى النابع من المجتمع يمثل قوة قهرية لأفراد تعاقب الخارج عليها بالإستهجان أو العقاب وتكافئ المستجيب لها بالإحترام والتقدير المادى والأدبى .
(جـ) نقد المذهب الإجتماعى الوضعي
1- إغفال الدور الأخلاقي للدين بوصفه وحياً إلهياً . فالدين بما يتضمنه من ( أوامر) و ( نواه) يمثل مصدراً إلهياً للإلزام الخلقى ، لا يمكن إغفاله أو تقليل قيمته فى تحديد المبادئ الأخلاقية الصحيحة .
2- إن الفرد ليس باستمرار (دمية) يحركها المجتمع : فالثوار والمصلحون والزعماء والعلماء ... وغيرهم يستطيعون أيضا التأثير فى السلوك العام والقيم الأخلاقية للمجتمع .
3- إن نسبية الأخلاق وتغير مبادئها لا تعتبر ميزة : حيث تتحطم المعايير ... وتظهر الأخلاقيات الجزئية المتغيرة بتغير المواقف الاجتماعية ، فيصعب التمييز بين ما هو خير وما هو شر .
4- إن طبيعة الأخلاق أن تكون معيارية عامة : أى تخضع لمبادئ عامة مشتركة وفضائل أخلاقية ثابتة يهتدى بها كل أفراد البشر فى مختلف العصور وشتى المجتمعات ، وهذه هى المهمة الأساسية لعلم الأخلاق فى صورته المعيارية المثالية ، وبمنهجه الفلسفى التأملى ، وهذا لا يعيب علم الأخلاق ، منذ نشأته وحتى اليوم .
الإتجاه الوجــــــــدانى والإتجاه العقلى
فى الإلــــــزام الخلقـــــــــــى
1- مذهب الحاسة الخلقية عند شافتسبرى ( 1671 – 1713)
(أ) ظروف نشأة المذهب ومصدر الإلزام
(1) كان رد فعل انتشار المذهب التجريبى الواقعى فى أوروبا فى عصر النهضة بفضل بيكون ، هو ظهور ( الإتجاه الوجدانى الحدسى) الذى قاوم التجريبيين وأراد تأكيد الكيان الإنسانى من الزاوية الوجدانية ، وكذلك ظهور الإتجاه العقلى والدعوة إلى دراسة الإنسان منفصلاً عن الطبيعة .
(2) كان ظهور الإتجاه الوجدانى الحدسى فى أوروبا يتمثل فيما يلى :
(أ) دراسة الأخلاق الإنسانية بالرجوع إلى الوجدان الإنسانى والعاطفة البشرية .
(ب) اعتبار ( الحدس ) وسيلة الإدراك الصحيح دون الحواس , والعقل والحدس أيضا هو وسيلة التمييز بين الخير والشر .
(جـ) كذلك ردوا الإلزام الخلقى إلى ( الوجدان والعاطفة) .
(3) وفى هذا التيار الوجدانى الحدسى ظهرت مذاهب أخلاقية متعددة ، ومنها:مذهب ( الحاسة الخلقية) عند شافتسبرى.
ں مذهب الحاسة الخلقية عند شافتسبرى :
1- كان اللورد شافتسبرى أحد المفكرين الأرستقراطيين فى انجلترا ، ومن مشاهير الفكر الإنجليزى فى عصره .
2 - رفض رد الإلزام الخلقى إلى الحواس واحتياجات الجسم وظروف المجتمع (علل)
( لأن الأخلاق – فى نظره – أعلى وأرقى من ذلك).
3 - رفض أيضا رد الأخلاق الى الدين (لكى لا يكون السلوك الأخلاقى فى هيئة أوامر دينية خارجية مفروضة على الإنسان بوراثة الوالدين) .
4 - أراد شافتسبرى أن يجعل السلوك الأخلاقى مستقلاً بذاته ، و( نابعاً من إلزام داخلى فى الإنسان ) ، ومستهدفاً حب الفضيلة لذاتها .
5 - قال شافستبرى بوجود ( حاسة خلقية ) كامنة فى داخل الإنسان ، هى التى تجعله يميز بين الخير والشر ، وهى التى تدفعه إلى عمل الخير وتحاشى الشر تلقائياً ودون أى تبرير .
(ب) خصائص الحاسة الخلقية
(1) (الحاسة الخلقية ) معنوية باطنية كامنة داخل الإنسان ، هى ليست مادية كبقية الحواس الخمس ، وهى تشبه (الحاسة الجمالية ) عند الإنسان .
(2) الحاسة الخلقية (فطرية) وليست مكتسبة ، وهى توجد عند الإنسان فقد ، وأحكامها أخلاقية عامة ومطلقة .
(3) يمكن تنميتها بالتربية الحسنة والبيئة الطيبة ، ويقضى عليها سوء التربية .
(4) تدرك الخير وتميزه عن الشر بطريقة تلقائية ، عن طريق ( الحدس المباشر) ودون (أى تبرير) . فنحن نفضل اتباع النظام بطريقة تلقائية وفطرية .
(5) ( مستقلة بذاتها) فلا ترتبط بالمصلحة الخاصة أو بالعقل ومبادئ المنطق ؛ لأنها بطبيعتها وجدانية تقوم بالحدس المباشر لخيرية الفعل .
(6) تحمل فى باطنها الجزاء الأخلاقى لصاحبها . (والفعل الأخلاقى الذى يتوافق معها ، يحقق الراحة النفسية والرضا الداخلي).(والفعل غير الأخلاقي) يسبب الضيق النفسى والألم والداخلى .
(جـ) بعض الأمثلة لمظاهر الحاسة الخلقية
إن الإنسان يحب أن يكون نظيفاً ؛ لأنه يحب النظافة لذاتها ؛ ولأن النظافة تشعره بالراحة ؛ ولأن إحساسه الداخلى بأنه قذر يسبب له النفور والضيق والإشمئزاز . وهكذا يحب الإنسان الخير ويمارسه ويطلب الفضيلة لذاتها ؛ لتحقيق الراحة النفسية الداخلية . كذلك يحب الإنسان أن يكون (شريفاً ) مهما كانت أمامة فرصة أن يصبح (دنيئاً ) ، ولو بعيداً عن الناس ، كذلك يحب الإنسان الأمانة والعدل وغيرهما من الفضائل ؛ لأن طبيعته وحاسته الخلقية الداخلية تدفعه تلقائياً لذلك بالحدس المباشر والتى تحمل – فى ذاتها – جزاءها المتمثل فى الشعور بالراحة النفسية .
نقد مذهب الإلزام الخلقي
(1) الوجدان نسبى متغير :
حيث إن العاطفة نسبية والوجدان متغير ، فإن أحكامها الخلقية ( سوف تصبح فردية نسبية متغيرة) والأحكام الفردية المتغيرة لا تصلح لقيام قانون أخلاقى عام يتفق عليه جميع الناس .
(2) خطأ فصل الأخلاق عن الدين :
من الخطأ استبعاد الدين وأثره فى الأخلاق، فالجزاء الدينى عامل مهم ومؤثر فى صنع الأخلاق
3- من الخطأ القول أن ممارسة الفضيلة لا تتطلب أى عناء :
فليس صحيحاً أن الإنسان يؤدى سلوكه الأخلاقى تلقائياً دون أى معاناه فالأخلاق لا تتحقق إلا بالمعاناه والفضيلة تقوم على مبدأ التضحية والإيثار وقهر الأنانية وهذا يمثل قمة المعاناه
(2) مذهب السمو العقلى عند مسكويه
(أ) ظروف عصر مسكويه ومذهبه الأخلاقى
هو أبو على بن يعقوب الملقب ( بمسكويه)
وضع مذهباً متكاملاً فى النفس والأخلاق أساسه السمو والإرتقاء بالأخلاق إلى مستوى عقلى يميز الإنسان عن الحيوان وهو العقل ومن أشهر مؤلفاته كتاب تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق ولقد تأثر فى فلسفته بفلسفة أفلاطون وأرسطو كما أن فلسفته ذات طابع إسلامى الذى يعتمد على ضرورة أن ترتبط الأخلاق العقلية للفرد بالحياة الاجتماعية للبشر
(ب) أقسام النفس وعلى رأسها العقل .
يقسم مسكويه النفس الإنسانية إلى ثلاث قوى أساية ، لكل منها وظائفها الخاصة وهى :
ں القوة الشهوانية ( البهيمية ) . وهى أدنى قوى النفس ، ووظيفتها إشباع حاجات الجسم العادية كالمأكل والمشرب ... إلخ .
ں القوة الغضبية ( السبعية): وهى أوسط قوى النفس ، ووظيفتها : الإنفعال والغضب واستخدام القوة
ں القوة العاقلة ( الناطقة ) : وهى أرقى قوى النفس ، وتسمى أيضا ( الملكية ) نسبة للملائكة ووظيفتها التفكير والتعقل وإدراك الحقائق .
ں تصنيف الناس عند مسكويه : صنف مسكويه الناس إلى ثلاث أصناف يحققها كل فرد باختياره الخالص ، وهى :
من تغلب عليه النفس البهيمية ، فينزل إلى منزلة البهائم .
من تغلب عليه النفس السبعية ، فينزل إلى منزلة السباع .
من تغلب عليه النفس العاقلة الناطقة الملائكية ، وبها يشارك الملائكة ويختلف عن البهائم والسباع . وأشرف الناس من كان حظه أكثر من النفس الناطقة الملائكية .
(جـ) فضائل النفس والرقى الأخلاقي
( القوة الشهوانية ) وفضيلتها (العفة) ، وهى تنتج عن (السخـاء)
( القوة الغضبية) وفضيلتها (الشجاعة) ، وهى تنتج عن (الحلــــم) .
( القوة الناطقة ) وفضيلتها (الحكمة) ، وهى تنتج عن (العلـــــم) .
وهناك أيضا (فضيلة العدل) ، وهى تنتج عن إشباع القوى الثلاثة السابقة بطريقة معتدلة .
يرى مسكويه أن (الفضيلة ) وسط بين ( رذيلتين) ، أى أنه يؤمن بالتوسط والإعتدال
فضيلة ( العفة ) وسط بين (الشراهة) و (الخمود) ، أى انعدام الرغبات .
وفضيلة ( الشجاعة وسط بين (الجبن) و (التهور) .
وفضيلة ( الحكمة ) وسط بين (السفه) و( البله )
وفضيلة ( العدالة ) وسط بين ( الظلم و ( الإنظلام) أى تحمل الظلم .
كيف ترتقى الحياة الأخلاقية عند الإنسان
إن الأخلاق يجب أن تؤسس على القوة العقلية وتصبح اللذات المعنوية هى الخير الحقيقى والهدف المطلوب ( أما اللذات الحسية المرتبطة بالقوة الشهوائية فهى ليست خيراً ؛ لأنها مشتركة بين الإنسان والحيوان ... وبذلك ترتقى الحياة الأخلاقية عند الإنسان ( عندما يسمو بنفسه ويرتقى من القوة الشهوائية ، فهى ليست خيراً : لأنها مشتركة بين الإنسان والحيوان .. ، وبذلك ترتقى الحياة الأخلاقية عند الإنسان ( عندما يسمو بنفسه ويرتقى من القوة الشهوانية والقوة الغضبية إلى القوة الناطقة وفضيلتها الحكمة ) . وبذلك يحقق الإنسان نفسه الكريمة العاقلة التى يناسب بها الملائكة ويرتفع بها عن عبودية النفس الدنيئة الشهوانية التى يناسب بها الخنازير والحيوانات الخسيسة .
(د) ارتباط الأخلاق بالحياة الاجتماعية عند مسكويه
يرى مسكويه أن الإنسان مدنى بالطبع واجتماعى بالفطرة ، وأن السلوك الأخلاقى لا يظهر إلا فى ظل الحياة الاجتماعية .
إن الفضائل الأساسية ( وهى : العفة والشجاعة والحكمة والعدالة ) يرتبط ظهورها بتواجد الفرد فى المجتمع ، وتتحد فى علاقات الفرد بالآخرين . ولا تظهر فى حياة الراهب أو الزاهد المنعزل وحيداً أو بعيداً عن المجتمع .
إن الخير الأسمى والسلوك الأخلاقى والفضائل الإنسانية الراقية لا تتحقق ولا تظهر فى حياة الفرد المنعزل عن الجماعة .
(هـ) نقد مذهب مسكويه الأخلاقى
1 - برغم محاولة مسكويه أن يضع مذهباً اسلامياً فى الأخلاق إلا أن تأثير الفلسفة اليونانية كان واضحاً عليه ، حيث تأثر برأى أفلاطون فى أقسام النفس ورأى أرسطو فى الفضائل دون أن يدخل عليها تعديلات جوهرية جديدة .
2 - أكتفى ببعض الجوانب الإجتماعية البسيطة فى الإسلام ، وكان يمكنه أن يستخلص من القرآن مذهباً متكاملاً جديداً فى الأخلاق النظرية والعملية .
3- جعل الفضائل الأخلاقية محدودة فى قوالب ثابتة وصور جامدة . بينما الحياة الأخلاقية تتسم بالنشاط والحيوية والطاقة المتجددة .
[2] مذهب الواجب العقلى (عمانوئيل كانط 1734 – 1804 )
(أ) ظروف نشأة المذهب ومعالمه
(1) يعتبر الفيلسوف الألماني (عمانوبل كانط Kant من أبرز مؤسسى المذهب العقلى فى الفلسفة فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر ، ويطلق على فلسفته العقلية الجديدة اسم (الفلسفة النقدية) أو (المذهب النقدى).
(2) تتسم فلسفة كانط – بصفة عامة 0 بطابع التشدد، ورفض كل استثناء .
(3) تأثر كانط فى فلسفته بعدة مؤثرات هى :
نشأته العائلية الدينية الصارمة .
- حيث كان تعليمه الثانوى دينيا .
- وفى الجامعة درس اللاهوت والفلسفة والعلوم الطبيعية والرياضة .
- وكانت حياته الشخصية مثالاً للدقة المتناهية والتنظيم التام .
ں وتقدم العلم الطبيعى بعد اكتشاف نيوتن (لقوانين الجاذبية) و (القوانين التى تفسر حركة الإفلاك الدقيقة ) التى كانت تسيطر عليها فكرة المطلق فى مجال التقدم العلمى .
سمات فلسفة كانط :
(1) تتسم فلسفة كانط بالعقلانية المطلقة . (ولقد تاثر فيها بتقدم العلم الطبيعى على أيامه )
(2) تتسم أيضا باليقين الرياضى التحليلى . (ولقد تأثر فى ذلك بتقدم الرياضيات على أيامه )
(3) تتسم أيضا بالتشدد والصرامة . وذلك نتيجة ظروف حياته ونشأته العائلية .
ں معالم المذهب النقدى وأقسام العقل :
(1) المذهب العقلى منهج هدفه كشف المبادئ الأساسية الكامنة فى العقل الإنسانى عامة، والتى تقوم عليه كل معرفة ممكنة .
(2) قسم كانط العقل الإنسانى إلى ثلاثة أقسام هى :
(أ) العقل النظرى : وقد خصصه لدراسة المعرفة والعلم .
(ب) العقل العملى : وقد خصصه لدراسة الأخلاق والدين ( وهو يستهدف كشف المبادئ الأساسية ، والشروط العامة التى يقوم عليها السلوك الأخلاقى الصحيح ) .
(ب) العقل الجمالى : وقد خصصه لدراسة الفن والجمال .
(ب) الواجب هو محور الأخلاق
(1) رفض كانط رد الإلزام الخلقى إلى (سلطة خارجية)، مثل الدين أو القانون أوالمجتمع).
(2) رفض أيضا أن يكون مصدر الإلزام الخلقى هو ( اللذة الحسية والمنفعة ) ( لماذا ؟)
لأن الأخلاق الحقيقية يجب أن تؤسس على ما ( يميز الإنسان عن الحيوان ( وهو العقل)
(3) رفض كانط أيضا رد الإلزام الخلقى إلى ( الوجدان والعاطفة ) ( لماذا ؟ )
لأن الأحكام الخلقية سوف تكون نسبية ومتغيرة ( لماذا ) ؟
بسبب سرعة تغير المشاعر الوجدانية وتقلبها عند الإنسان .
(4) يرى كانط أن تأسيس الأخلاق يجب أن يتم على أسس ( مبادئ العقل المطلق) ، والتى تتمثل فى ( فكرة الواجب ) .
والواجب : هو المحور الأساسى للأخلاق الإنسانية ، وهو مصدر الإلزام .
(5) كذلك يرى كانط أن تحليل منهج ( الإرادة الخيرة) يرتد بنا إلى مبدأ أساسى واحد هو ( الواجب) الذى تنبع منه كل الأفعال الأخلاقية للإنسان العاقل صاحب الإرادة .
أما الأفعال العفوية التى تصدر عن الإنسان بدون إرادة ، فهى لا تحمل أى قيمة أخلاقية ، حتى ولو حققت خيراً لصاحبها .
(جـ) الطبيعة العقلية الصارمة للواجب
يعرف كانط Kant الواجب بأنه ( ضرورة أداء الفعل احتراماً للقانون العقلي فى ذاته ) (فالواجب) هنا مرادف (للقانون) ، والقانون المقصود هنا هو العقل بمادته ( المطلقة)
إن القوانين التى يجب أن يسير عليها الإنسان فى حياته وأخلاقه يجب أن تقوم على مبادئ العقل . وبذلك يصبح ( القانون الأخلاقي ) هو نفسه ( القانون العقلي ) عند الإنسان ( علل) .
نوعاً الأوامر الأخلاقية عند كانط Kant
الأوامــــــــــــــــر الشــــــــــــرطية
الأوامــــــــــــــــر المطلــــــــــقة
1- هى التى يرتبط تنفيذها بشرط معين ويكون الفعل الخلقى فيها ( مجرد وسيلة ) ؛ لتحقيق أهداف أخرى .
2- لا تصلح لتأسيس الأخلاق التى يجب أن تكون مطلوبة فى ذاتها .
3- من أمثلتها :
ں إذا أردت أن تدخل الجنة فى الآخرة أحسن إلى الفقراء إلى الدنيا وأعمل صالحاً .
إذا أردت أن تحصل على تقدير المجتمع امتنع عن الكذب وقل الصدق دائماً
وهى التى تخلو من أى شرط ، وتكون مطلوبة لذاتها ، ونابعة من العقل .
هذه الأوامر وحدها هى التى تعبر أفعالاً أخلاقية حقيقية .
من أمثلتها :
ں أحسن إلى الفقراء وأعمل أعمالاً صالحة .
ں امتنع عن الكذب وقل الصدق دائماً
الخصائص الأساسية للقانون الخلقي ( الواجب)
1- القانون أو الواجب (مثالي وعام ومطلق) ( لماذا) لأنه نابع من العقل الإنساني ويتفق مع طبيعته
2- ( صارم ) لا يسمح بأى استثناءات فى الحياة الخلقية ، ولا يرتبط بالتجارب الفردية المتغيرة .
3- هو قانون مطلوب لذاته ، فهو ليس وسيلة لتحقيق أهداف أخرى ، كالحصول على منفعة أو لذة
4- ليس مشروطاً بأى شرط حتى لا ينحرف عن مبادئ العقل المطلق .
5- يفترض توافر حرية الإرادة عند الإنسان الذى يختار بإرادته العاقلة أفعاله الخلقية ، وبدون تلك الحرية لا يكون السلوك أخلاقياً .
[د] نقد مذهب الواجب الكانطى
1- إن الواجب – بأوامره المطلقة وشكله المثالي المتطرف – لا يساعد الإنسان العادي فى حياته اليومية الواقعية على تدبير شئونه العملية .
2- يتصف الواجب الأخلاقى عند كانط ( بالصرامة العقلية الجامدة ) ، و ( يستبعد تماماً العواطف الإنسانية والخوف من الله ) .
3- إن رفض الاستثناءات فى الأخلاق يفترض أن الظروف تكون دائماً مواتيه لمبادئ العقل . ولكن أحياناً يحدث العكس ، فيكون الاستثناء من صميم الفعل الخلقي فالجندي لابد أن يكذب حتى لا يفشى أسرار الوطن الحربية ، فالكذب هنا مطلوب وكذلك يكذب الطبيب بالنسبة لبعض المرضى الذين لا أمل فى شفائهم .
4- هاجم رجال الدين فلسفة كانط الأخلاقية ؛ لأنه جعل الإلزام الخلقي يصدر عن العقل وحده ، دون النظر لأوامر الدين ، والخوف من عقاب الله ، وهذا يعنى الاستغناء عن الدين الذي ينظم حياة الناس وأخلاقياتهم ، والاكتفاء بالعقل .
تم بحمد الله
الثلاثاء يناير 30, 2018 12:24 pm من طرف أبويحيى
» كتاب:موسوعة ألف اختراع واختراع - التراث الإسلامي في عالمنا المؤلف :البروفيسور سليم الحسني
الأربعاء يناير 24, 2018 10:03 pm من طرف أبويحيى
» أخبار برشلونى اليوم
الأربعاء يناير 24, 2018 9:48 pm من طرف أبويحيى
» روابط مشاهدة جميع المباريات بدون تقطيع
الأربعاء يناير 24, 2018 9:44 pm من طرف أبويحيى
» منج الفلسفة والمنطق لعام 2016 الجديد
الأحد سبتمبر 13, 2015 8:38 pm من طرف أبويحيى
» مذكرة الصف الأول الثانوى الجديد لعام 2015
الأربعاء مارس 18, 2015 8:00 pm من طرف أبويحيى
» تحميل لعبة كرة القدم pes 2015 مجانا ً وبروابط مباشرة
السبت يناير 24, 2015 11:59 am من طرف أبويحيى
» اقوى مذكرة ادب وورد للصف الاول الثانوى مدعمة بتدريبات الاسئلة بمواصفات جديدة لواضع الاسئلة 2014
الإثنين أكتوبر 20, 2014 12:06 am من طرف أبويحيى
» مذكرة الاستاذ عبدة الجعر مراجعة قصة ابو الفوارس فصل فصل شامل كل الاسئلة الامتحانية بمواصفات 2014
الإثنين أكتوبر 20, 2014 12:04 am من طرف أبويحيى