منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

مرحبا بك أخى ( أختى )الكريم * يسعدنى ويشرفنى زيارتكم *ويسعدنى تسجيلكم فى المنتدى
أخوكم فى الله
أ/ أحمد محمد الصغير

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

مرحبا بك أخى ( أختى )الكريم * يسعدنى ويشرفنى زيارتكم *ويسعدنى تسجيلكم فى المنتدى
أخوكم فى الله
أ/ أحمد محمد الصغير

منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

إسلاميات علم ومعرفة ( فلسفة ومنطق + علم نفس وإجتماع+لغة عربية +لغة إنجليزية + لغة فرنسية +تاريخ +جغرافيا + فيزياء + كيمياء + أحياء +رياضيات + إقتصاد وإحصاء +جيولوجيا وعلوم بيئية + مستوى رفيع +أخرى )أخبار برامج ( للكمبيوتر+ النت+ تحميل برامج إسلامية )جديد

المواضيع الأخيرة

» مبادئ الفلسفة للصف الاول الثانوى 2018
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 30, 2018 12:24 pm من طرف أبويحيى

» كتاب:موسوعة ألف اختراع واختراع - التراث الإسلامي في عالمنا المؤلف :البروفيسور سليم الحسني
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء يناير 24, 2018 10:03 pm من طرف أبويحيى

» أخبار برشلونى اليوم
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء يناير 24, 2018 9:48 pm من طرف أبويحيى

» روابط مشاهدة جميع المباريات بدون تقطيع
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء يناير 24, 2018 9:44 pm من طرف أبويحيى

» منج الفلسفة والمنطق لعام 2016 الجديد
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 13, 2015 8:38 pm من طرف أبويحيى

» مذكرة الصف الأول الثانوى الجديد لعام 2015
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء مارس 18, 2015 8:00 pm من طرف أبويحيى

» تحميل لعبة كرة القدم pes 2015 مجانا ً وبروابط مباشرة
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالسبت يناير 24, 2015 11:59 am من طرف أبويحيى

» اقوى مذكرة ادب وورد للصف الاول الثانوى مدعمة بتدريبات الاسئلة بمواصفات جديدة لواضع الاسئلة 2014
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 20, 2014 12:06 am من طرف أبويحيى

» مذكرة الاستاذ عبدة الجعر مراجعة قصة ابو الفوارس فصل فصل شامل كل الاسئلة الامتحانية بمواصفات 2014
 تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 20, 2014 12:04 am من طرف أبويحيى

التبادل الاعلاني


انشاء منتدى مجاني




    تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم

    أبويحيى
    أبويحيى
    مدير المنتدى أ/أحمد محمد الصغير أحمد


    عدد المساهمات : 300
    تاريخ التسجيل : 15/02/2012
    العمر : 46

     تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم Empty تفسير الجزءالثامن و العشرون من القرآن الكريم

    مُساهمة  أبويحيى الإثنين مارس 19, 2012 11:20 pm

    58 - سورة المجادلة - مدنية - عدد آياتها 22
    سورة المجادلة الجزء الثامن و العشرون
    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)
    قد سمع الله قول خولة بنت ثعلبة التي تراجعت في شأن زوجها أوس بن الصامت, وفيما صدر عنه في حقها من الظِّهار، وهو قوله لها: "أنت عليَّ كظهر أمي"، أي: في حرمة النكاح، وهي تتضرع إلى الله تعالى; لتفريج كربتها، والله يسمع تخاطبكما ومراجعتكما. إن الله سميع لكل قول، بصير بكل شيء، لا تخفى عليه خافية.
    الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)
    الذين يُظاهرون منكم من نسائهم، فيقول الرجل منهم لزوجته: "أنت عليَّ كظهر أمي" -أي في حرمة النكاح- قد عصوا الله وخالفوا الشرع، ونساؤهم لَسْنَ في الحقيقة أمهاتهم, إنما هن زوجاتهم, ما أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم. وإن هؤلاء المظاهِرين ليقولون قولا كاذبًا فظيعًا لا تُعرف صحته. وإن الله لعفو غفور عمَّن صدر منه بعض المخالفات، فتداركها بالتوبة النصوح.
    وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3)
    والذين يحرِّمون نساءهم على أنفسهم بالمظاهَرة منهن, ثم يرجعون عن قولهم ويعزمون على وطء نسائهم، فعلى الزوج المظاهِر- والحالة هذه- كفارة التحريم، وهي عتق رقبة مؤمنة عبد أو أمة قبل أن يطأ زوجته التي ظاهر منها، ذلكم هو حكم الله فيمن ظاهر مِن زوجته توعظون به، أيها المؤمنون; لكي لا تقعوا في الظهار وقول الزور، وتُكَفِّروا إن وقعتم فيه، ولكي لا تعودوا إليه، والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو مجازيكم عليها.
    فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)
    فمن لم يجد رقبة يُعتقها، فالواجب عليه صيام شهرين متتاليين من قبل أن يطأ زوجه, فمن لم يستطع صيام الشهرين لعذر شرعي, فعليه أن يطعم ستين مسكينًا ما يشبعهم، ذلك الذي بينَّاه لكم من أحكام الظهار; من أجل أن تصدِّقوا بالله وتتبعوا رسوله وتعملوا بما شرعه الله, وتتركوا ما كنتم عليه في جاهليتكم, وتلك الأحكام المذكورة هي أوامر الله وحدوده فلا تتجاوزوها, وللجاحدين بها عذاب موجع.
    إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (5)
    إن الذين يشاقون الله ورسوله ويخالفون أمرهما خُذِلوا وأُهينوا، كما خُذِل الذين من قبلهم من الأمم الذين حادُّوا الله ورسله, وقد أنزلنا آيات واضحات الحُجَّة تدل على أن شرع الله وحدوده حق، ولجاحدي تلك الآيات عذاب مُذلٌّ في جهنم.
    يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)
    واذكر -أيها الرسول- يوم القيامة, يوم يحيي الله الموتى جميعًا, ويجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيخبرهم بما عملوا من خير وشر، أحصاه الله وكتبه في اللوح المحفوظ، وحفظه عليهم في صحائف أعمالهم، وهم قد نسوه. والله على كل شيء شهيد، لا يخفى عليه شيء.

    542
    سورة المجادلة الجزء الثامن و العشرون
    أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)
    ألم تعلم أن الله تعالى يعلم كل شيء في السموات والأرض؟ ما يتناجى ثلاثة مِن خلقه بحديث سرٍّ إلا هو رابعهم بعلمه وإحاطته, ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أقلُّ من هذه الأعداد المذكورة ولا أكثرُ منها إلا هو معهم بعلمه في أيِّ مكان كانوا, لا يخفى عليه شيء من أمرهم, ثم يخبرهم تعالى يوم القيامة بما عملوا من خير وشر ويجازيهم عليه. إن الله بكل شيء عليم.
    أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (Cool
    ألم تر -أيها الرسول- إلى اليهود الذين نُهوا عن الحديث سرًّا بما يثير الشك في نفوس المؤمنين, ثم يرجعون إلى ما نُهوا عنه، ويتحدثون سرًّا بما هو إثم وعدوان ومخالفة لأمر الرسول؟ وإذا جاءك -أيها الرسول- هؤلاء اليهود لأمر من الأمور حيَّوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية، فقالوا: (السام عليك) أي: الموت لك, ويقولون فيما بينهم: هلا يعاقبنا الله بما نقول لمحمد إن كان رسولا حقًا, تكفيهم جهنم يدخلونها, ويقاسون حرها، فبئس المرجع هي.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا تحدثتم فيما بينكم سرًا، فلا تتحدثوا بما فيه إثم من القول، أو بما هو عدوان على غيركم, أو مخالفة لأمر الرسول، وتحدثوا بما فيه خير وطاعة وإحسان، وخافوا الله بامتثالكم أوامره واجتنابكم نواهيه، فإليه وحده مرجعكم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي أحصاها عليكم, وسيجازيكم بها.
    إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (10)
    إنما التحدث خفية بالإثم والعدوان من وسوسة للشيطان، فهو المزيِّن لها, والحامل عليها; ليُدْخِل الحزن على قلوب المؤمنين، وليس ذلك بمؤذي المؤمنين شيئًا إلا بمشيئة الله تعالى وإرادته. وعلى الله وحده فليعتمد المؤمنون به.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا طُلب منكم أن يوسع بعضكم لبعض المجالس فأوسعوا، يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة، وإذا طلب منكم- أيها المؤمنون- أن تقوموا من مجالسكم لأمر من الأمور التي يكون فيها خير لكم فقوموا، يرفع الله مكانة المؤمنين المخلصين منكم، ويرفع مكانة أهل العلم درجات كثيرة في الثواب ومراتب الرضوان, والله تعالى خبير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها, وهو مجازيكم عليها. وفي الآية تنويه بمكانة العلماء وفضلهم، ورفع درجاتهم.
    543
    سورة المجادلة الجزء الثامن و العشرون
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا أردتم أن تُكلِّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم سرًّا بينكم وبينه، فقدِّموا قبل ذلك صدقة لأهل الحاجة, ذلك خير لكم لما فيه من الثواب, وأزكى لقلوبكم من المآثم، فإن لم تجدوا ما تتصدقون به فلا حرج عليكم؛ فإن الله غفور لعباده المؤمنين, رحيم بهم.
    أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)
    أخشيتم الفقر إذا قدَّمتم صدقة قبل مناجاتكم رسول الله؟ فإذْ لم تفعلوا ما أُمرتم به، وتاب الله عليكم, ورخَّص لكم في ألا تفعلوه، فاثبتوا وداوموا على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله في كل ما أُمرتم به, والله سبحانه خبير بأعمالكم, ومجازيكم عليها.
    أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14)
    ألم تر إلى المنافقين الذين اتخذوا اليهود أصدقاء ووالوهم؟ والمنافقون في الحقيقة ليسوا من المسلمين ولا من اليهود، ويحلفون كذبًا أنهم مسلمون، وأنك رسول الله, وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما حلفوا عليه.
    أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15)
    أعدَّ الله لهؤلاء المنافقين عذابًا بالغ الشدة والألم, إنهم ساء ما كانوا يعملون من النفاق والحلف على الكذب.
    اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16)
    اتخذ المنافقون أيمانهم الكاذبة وقاية لهم من القتل بسبب كفرهم, ولمنع المسلمين عن قتالهم وأخذ أموالهم, فبسبب ذلك صدُّوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله وهو الإسلام، فلهم عذاب مُذلٌّ في النار؛ لاستكبارهم عن الإيمان بالله ورسوله وصدِّهم عن سبيله.
    لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17)
    لن تدفع عن المنافقين أموالهم ولا أولادهم مِن عذاب الله شيئًا، أولئك أهل النار يدخلونها فيبقون فيها أبدا, لا يخرجون منها. وهذا الجزاء يعم كلَّ من صدَّ عن دين الله بقوله أو فعله.
    يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْكَاذِبُونَ (18)
    يوم القيامة يبعث الله المنافقين جميعًا من قبورهم أحياء, فيحلفون له أنهم كانوا مؤمنين، كما كانوا يحلفون لكم- أيها المؤمنون- في الدنيا, ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم في الدنيا عند المسلمين, ألا إنهم هم البالغون في الكذب حدًا لم يبلغه غيرهم.
    اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ (19)
    غلب عليهم الشيطان، واستولى عليهم, حتى تركوا أوامر الله والعمل بطاعته, أولئك حزب الشيطان وأتباعه. ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.
    إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20)
    إن الذين يخالفون أمر الله ورسوله، أولئك من جملة الأذلاء المغلوبين المهانين في الدنيا والآخرة.
    كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)
    كتب الله في اللوح المحفوظ وحَكَم بأن النصرة له ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين. إن الله سبحانه قوي لا يعجزه شيء, عزيز على خلقه.
    544
    سورة المجادلة الجزء الثامن و العشرون
    لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (22)
    لا تجد -أيها الرسول- قومًا يصدِّقون بالله واليوم الآخر، ويعملون بما شرع الله لهم, يحبون ويوالون مَن عادى الله ورسوله وخالف أمرهما, ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو أقرباءهم، أولئك الموالون في الله والمعادون فيه ثَبَّتَ في قلوبهم الإيمان, وقوَّاهم بنصر منه وتأييد على عدوهم في الدنيا، ويدخلهم في الآخرة جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار, ماكثين فيها زمانًا ممتدًا لا ينقطع، أحلَّ الله عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم, ورضوا عن ربهم بما أعطاهم من الكرامات ورفيع الدرجات, أولئك حزب الله وأولياؤه, وأولئك هم الفائزون بسعادة الدنيا والآخرة.

    59 - سورة الحشر - مدنية - عدد آياتها 24

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
    نزَّه الله عن كل ما لا يليق به كلُّ ما في السموات وما في الأرض, وهو العزيز الذي لا يغالَب, الحكيم في قَدَره وتدبيره وصنعه وتشريعه, يضع الأمور في مواضعها.
    هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ (2)
    هو- سبحانه- الذي أخرج الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، من أهل الكتاب, وهم يهود بني النضير, من مساكنهم التي جاوروا بها المسلمين حول "المدينة", وذلك أول إخراج لهم من "جزيرة العرب" إلى "الشام", ما ظننتم- أيها المسلمون - أن يخرجوا من ديارهم بهذا الذل والهوان; لشدة بأسهم وقوة منعتهم, وظن اليهود أن حصونهم تدفع عنهم بأس الله ولا يقدر عليها أحد, فأتاهم الله من حيث لم يخطر لهم ببال, وألقى في قلوبهم الخوف والفزع الشديد, يُخْربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين, فاتعظوا يا أصحاب البصائر السليمة والعقول الراجحة بما جرى لهم.
    وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3)
    ولولا أن كتب الله عليهم الخروج مِن ديارهم وقضاه, لَعذَّبهم في الدنيا بالقتل والسبي, ولهم في الآخرة عذاب النار.
    545
    سورة الحشر الجزء الثامن و العشرون
    ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقَّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)
    ذلك- الذي أصاب اليهود في الدنيا وما ينتظرهم في الآخرة- لأنهم خالفوا أمر الله وأمر رسوله أشدَّ المخالفة, وحاربوهما وسعَوا في معصيتهما, ومن يخالف الله ورسوله فإن الله شديد العقاب له.
    مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)
    ما قطعتم -أيها المؤمنون- من نخلة أو تركتموها قائمة على ساقها, من غير أن تتعرضوا لها, فبإذن الله وأمره؛ وليُذلَّ بذلك الخارجين عن طاعته المخالفين أمره ونهيه, حيث سلَّطكم على قطع نخيلهم وتحريقها.
    وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
    وما أفاءه الله على رسوله من أموال يهود بني النضير, فلم تركبوا لتحصيله خيلا ولا إبلا ولكن الله يسلِّط رسله على مَن يشاء مِن أعدائه, فيستسلمون لهم بلا قتال, والفيء ما أُخذ من أموال الكفار بحق من غير قتال. والله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.
    مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)
    ما أفاءه الله على رسوله من أموال مشركي أهل القرى من غير ركوب خيل ولا إبل فلله ولرسوله, يُصْرف في مصالح المسلمين العامة, ولذي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واليتامى, وهم الأطفال الفقراء الذين مات آباؤهم, والمساكين, وهم أهل الحاجة والفقر, وابن السبيل, وهو الغريب المسافر الذي نَفِدت نفقته وانقطع عنه ماله؛ وذلك حتى لا يكون المال ملكًا متداولا بين الأغنياء وحدهم, ويحرم منه الفقراء والمساكين. وما أعطاكم الرسول من مال, أو شرعه لكم مِن شرع, فخذوه, وما نهاكم عن أَخْذه أو فِعْله فانتهوا عنه, واتقوا الله بامتثال أوامره وترك نواهيه. إن الله شديد العقاب لمن عصاه وخالف أمره ونهيه. والآية أصل في وجوب العمل بالسنة: قولا أو فعلا أو تقريرًا.
    لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (Cool
    وكذلك يُعطى من المال الذي أفاءه الله على رسوله الفقراء المهاجرون, الذين اضطرهم كفار "مكة" إلى الخروج من ديارهم وأموالهم يطلبون من الله أن يتفضل عليهم بالرزق في الدنيا والرضوان في الآخرة, وينصرون دين الله ورسوله بالجهاد في سبيل الله, أولئك هم الصادقون الذين صدَّقوا قولهم بفعلهم.
    وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9)
    والذين استوطنوا "المدينة", وآمنوا من قبل هجرة المهاجرين -وهم الأنصار- يحبون المهاجرين, ويواسونهم بأموالهم, ولا يجدون في أنفسهم حسدًا لهم مما أُعْطوا من مال الفيء وغيره, ويُقَدِّمون المهاجرين وذوي الحاجة على أنفسهم, ولو كان بهم حاجة وفقر, ومن سَلِم من البخل ومَنْعِ الفضل من المال فأولئك هم الفائزون الذين فازوا بمطلوبهم.
    546
    سورة الحشر الجزء الثامن و العشرون
    وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)
    والذين جاؤوا من المؤمنين من بعد الأنصار والمهاجرين الأولين يقولون: ربنا اغفر لنا ذنوبنا, واغفر لإخواننا في الدين الذين سبقونا بالإيمان, ولا تجعل في قلوبنا حسدًا وحقدًا لأحد من أهل الإيمان, ربنا إنك رؤوف بعبادك, رحيم بهم. وفي الآية دلالة على أنه ينبغي للمسلم أن يذكر سلفه بخير, ويدعو لهم, وأن يحب صحابة رسول الله, صلى الله عليه وسلم، ويذكرهم بخير, ويترضى عنهم.
    أَلَمْ تَرى إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)
    ألم تنظر إلى المنافقين, يقولون لإخوانهم في الكفر من يهود بني النضير: لئن أخرجكم محمد ومَن معه مِن منازلكم لنخرجن معكم, ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا سألَنا خِذْلانكم أو ترك الخروج معكم, ولئن قاتلوكم لنعاوننكم عليهم؟ والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما وعدوا به يهود بني النضير.
    لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (12)
    لئن أُخرج اليهود من "المدينة" لا يخرج المنافقون معهم, ولئن قوتلوا لا يقاتلون معهم كما وَعَدوا, ولئن قاتلوا معهم ليولُنَّ الأدبار فرارًا منهزمين, ثم لا ينصرهم الله, بل يخذلهم, ويُذِلُّهم.
    لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (13)
    لَخوفُ المنافقين وخشيتهم إياكم- أيها المؤمنون- أعظم وأشد في صدورهم من خوفهم وخشيتهم من الله؛ وذلك بسبب أنهم قوم لا يفقهون عظمة الله والإيمان به, ولا يرهبون عقابه.
    لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (14)
    لا يواجهكم اليهود بقتال مجتمعين إلا في قرى محصنة بالأسوار والخنادق, أو من خلف الحيطان, عداوتهم فيما بينهم شديدة, تظن أنهم مجتمعون على كلمة واحدة, ولكن قلوبهم متفرقة؛ وذلك بسبب أنهم قوم لا يعقلون أمر الله ولا يتدبرون آياته.
    كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)
    مثل هؤلاء اليهود فيما حلَّ بهم من عقوبة الله كمثل كفار قريش يوم "بدر", ويهود بني قينقاع, حيث ذاقوا سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا, ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.
    كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)
    ومثل هؤلاء المنافقين في إغراء اليهود على القتال ووَعْدهم بالنصر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كمثل الشيطان حين زيَّن للإنسان الكفر ودعاه إليه, فلما كفر قال: إني بريء منك, إني أخاف الله رب الخلق أجمعين.
    547
    سورة الحشر الجزء الثامن و العشرون
    فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)
    فكان عاقبة أمر الشيطان والإنسان الذي أطاعه فكفر, أنهما في النار, ماكثَيْن فيها أبدًا, وذلك جزاء المعتدين المتجاوزين حدود الله.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, خافوا الله, واحذروا عقابه بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه, ولتتدبر كل نفس ما قدمت من الأعمال ليوم القيامة, وخافوا الله في كل ما تأتون وما تَذَرون, إن الله سبحانه خبير بما تعملون, لا يخفى عليه شيء من أعمالكم, وهو مجازيكم عليها.
    وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (19)
    ولا تكونوا- أيها المؤمنون- كالذين تركوا أداء حق الله الذي أوجبه عليهم, فأنساهم بسبب ذلك حظوظ أنفسهم من الخيرات التي تنجيهم من عذاب يوم القيامة, أولئك هم الموصوفون بالفسق, الخارجون عن طاعة الله طاعة ورسوله.
    لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ (20)
    لا يستوي أصحاب النار المعذَّبون, وأصحاب الجنة المنعَّمون, أصحاب الجنة هم الظافرون بكل مطلوب, الناجون من كل مكروه.
    لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)
    لو أنزلنا هذا القرآن على جبل من الجبال, ففهم ما فيه مِن وعد ووعيد, لأبصَرْته على قوته وشدة صلابته وضخامته، خاضعًا ذليلا متشققًا من خشية الله تعالى. وتلك الأمثال نضربها, ونوضحها للناس ؛ لعلهم يتفكرون في قدرة الله وعظمته. وفي الآية حث على تدبر القرآن, وتفهم معانيه, والعمل به.
    هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)
    هو الله سبحانه وتعالى المعبود بحق الذي لا إله سواه, عالم السر والعلن, يعلم ما غاب وما حضر, هو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء, الرحيم بأهل الإيمان به.
    هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
    هو الله المعبود بحق, الذي لا إله إلا هو, الملك لجميع الأشياء, المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة, المنزَّه عن كل نقص, الذي سلِم من كل عيب, المصدِّق رسله وأنبياءه بما ترسلهم به من الآيات البينات, الرقيب على كل خلقه في أعمالهم, العزيز الذي لا يغالَب, الجبار الذي قهر جميع العباد, وأذعن له سائر الخلق, المتكبِّر الذي له الكبرياء والعظمة. تنزَّه الله تعالى عن كل ما يشركونه به في عبادته.
    هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ْبِ (24)
    هو الله سبحانه وتعالى الخالق المقدر للخلق، البارئ المنشئ الموجد لهم على مقتضى حكمته, المصوِّر خلقه كيف يشاء, له سبحانه الأسماء الحسنى والصفات العلى, يسبِّح له جميع ما في السموات والأرض, وهو العزيز شديد الانتقام مِن أعدائه, الحكيم في تدبيره أمور خلقه.
    548
    60 - سورة الممتحنة - مدنية - عدد آياتها 13
    سورة الممتحنة الجزء الثامن و العشرون
    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, لا تتخذوا عدوي وعدوكم خلصاء وأحباء, تُفْضون إليهم بالمودة, فتخبرونهم بأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، وسائر المسلمين, وهم قد كفروا بما جاءكم من الحق من الإيمان بالله ورسوله وما نزل عليه من القرآن, يخرجون الرسول ويخرجونكم- أيها المؤمنون- من "مكة"؛ لأنكم تصدقون بالله ربكم, وتوحدونه, إن كنتم- أيها المؤمنون- هاجرتم مجاهدين في سبيلي, طالبين مرضاتي عنكم, فلا توالوا أعدائي وأعداءكم, تُفْضون إليهم بالمودة سرًّا, وأنا أعلم بما أخفيتم وما أظهرتم, ومن يفعل ذلك منكم فقد أخطأ طريق الحق والصواب, وضلَّ عن قصد السبيل.
    إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)
    إن يظفر بكم هؤلاء الذين تُسرُّون إليهم بالمودة يكونوا حربًا عليكم, ويمدوا إليكم أيديهم بالقتل والسبي, وألسنتهم بالسب والشتم, وهم قد تمنَّوْا- على كل حال- لو تكفرون مثلهم.
    لَنْ تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)
    لن تنفعكم قراباتكم ولا أولادكم شيئًا حين توالون الكفار مِن أجلهم, يوم القيامة يفرق الله بينكم, فيُدْخل أهل طاعته الجنة, وأهل معصيته النار. والله بما تعملون بصير, لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأعمالكم.
    قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)
    قد كانت لكم-أيها المؤمنون- قدوة حسنة في إبراهيم عليه السلام والذين معه من المؤمنين, حين قالوا لقومهم الكافرين بالله: إنا بريئون منكم وممَّا تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد, كفرنا بكم, وأنكرنا ما أنتم عليه من الكفر, وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا ما دمتم على كفركم, حتى تؤمنوا بالله وحده, لكن لا يدخل في الاقتداء استغفار إبراهيم لأبيه; فإن ذلك إنما كان قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله, فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه, ربنا عليك اعتمدنا, وإليك رجعنا بالتوبة, وإليك المرجع يوم القيامة.
    رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)
    ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بعذابك لنا أو تسلط الكافرين علينا فيفتنونا عن ديننا، أو يظهروا علينا فيُفتنوا بذلك، ويقولوا: لو كان هؤلاء على حق, ما أصابهم هذا العذاب, فيزدادوا كفرًا, واستر علينا ذنوبنا بعفوك عنها ربنا, إنك أنت العزيز الذي لا يغالَب, الحكيم في أقواله وأفعاله.
    549
    سورة الممتحنة الجزء الثامن و العشرون
    لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)
    لقد كان لكم- أيها المؤمنون- في إبراهيم عليه السلام والذين معه قدوة حميدة لمن يطمع في الخير من الله في الدنيا والآخرة, ومن يُعْرِض عما ندبه الله إليه من التأسي بأنبيائه, ويوال أعداء الله, فإن الله هو الغنيُّ عن عباده, الحميد في ذاته وصفاته, المحمود على كل حال.
    عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)
    عسى الله أن يجعل بينكم- أيها المؤمنون- وبين الذين عاديتموهم من أقاربكم من المشركين محبة بعد البغضاء, وألفة بعد الشحناء بانشراح صدورهم للإسلام, والله قدير على كل شيء, والله غفور لعباده, رحيم بهم.
    لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (Cool
    لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين550 لم يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين, ولم يخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير, وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم وبرِّكم بهم. إن الله يحب الذين يعدلون في أقوالهم وأفعالهم.
    إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)
    إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم بسبب الدين وأخرجوكم من دياركم, وعاونوا الكفار على إخراجكم أن تولوهم بالنصرة والمودة, ومن يتخذهم أنصارًا على المؤمنين وأحبابًا, فأولئك هم الظالمون لأنفسهم, الخارجون عن حدود الله.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا جاءكم النساء المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام, فاختبروهن؛ لتعلموا صدق إيمانهن, الله أعلم بحقيقة إيمانهن, فإن علمتموهن مؤمنات بحسب ما يظهر لكم من العلامات والبينات, فلا تردُّوهن إلى أزواجهن الكافرين, فالنساء المؤمنات لا يحلُّ لهن أن يتزوجن الكفار, ولا يحلُّ للكفار أن يتزوجوا المؤمنات, وأعطوا أزواج اللاتي أسلمن مثل ما أنفقوا عليهن من المهور, ولا إثم عليكم أن تتزوجوهن إذا دفعتم لهنَّ مهورهن. ولا تمسكوا بنكاح أزواجكم الكافرات, واطلبوا من المشركين ما أنفقتم من مهور نسائكم اللاتي ارتددن عن الإسلام ولحقن بهم, وليطلبوا هم ما أنفقوا من مهور نسائهم المسلمات اللاتي أسلمن ولحقن بكم, ذلكم الحكم المذكور في الآية هو حكم الله يحكم به بينكم فلا تخالفوه. والله عليم لا يخفى عليه شيء, حكيم في أقواله وأفعاله.
    وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)
    وإن لحقت بعض زوجاتكم مرتدات إلى الكفار, ولم يعطكم الكفار مهورهن التي دفعتموها لهن, ثم ظَفِرتم بهؤلاء الكفار أو غيرهم وانتصرتم عليهم, فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم من المسلمين من الغنائم أو غيرها مثل ما أعطوهن من المهور قبل ذلك, وخافوا الله الذي أنتم به مؤمنون.
    550
    سورة الممتحنة الجزء الثامن و العشرون
    يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)
    يا أيها النبي إذا جاءك النساء المؤمنات بالله ورسوله يعاهدنك على ألا يجعلن مع الله شريكًا في عبادته, ولا يسرقن شيئًا, ولا يزنين, ولا يقتلن أولادهن بعد الولادة أو قبلها, ولا يُلحقن بأزواجهن أولادًا ليسوا منهم, ولا يخالفنك في معروف تأمرهن به, فعاهدهن على ذلك, واطلب لهن المغفرة من الله. إن الله غفور لذنوب عباده التائبين, رحيم بهم.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)
    يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله, لا تتخذوا الذين غضب الله عليهم; لكفرهم أصدقاء وأخلاء, قد يئسوا من ثواب الله في الآخرة, كما يئس الكفار المقبورون, من رحمة الله في الآخرة؛ حين شاهدوا حقيقة الأمر, وعلموا علم اليقين أنهم لا نصيب لهم منها، أو كما يئس الكفار مِن بَعْث موتاهم -أصحاب القبور-؛ لاعتقادهم عدم البعث .

    61 - سورة الصف - مدنية - عدد آياتها 14

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
    نزَّه الله عن كل ما لا يليق به كلُّ ما في السموات وما في الأرض, وهو العزيز الذي لا يغالَب, الحكيم في أقواله وأفعاله.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, لِمَ تَعِدون وعدًا, أو تقولون قولا ولا تفون به؟! وهذا إنكار على مَن يخالف فعلُه قولَه.
    كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3)
    عَظُم بغضًا عند الله أن تقولوا بألسنتكم ما لا تفعلونه.
    إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)
    إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان متراص محكم لا ينفذ منه العدو. وفي الآية بيان فضل الجهاد والمجاهدين؛ لمحبة الله سبحانه لعباده المؤمنين إذا صفُّوا مواجهين لأعداء الله, يقاتلونهم في سبيله.
    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)
    واذكر لقومك -أيها الرسول- حين قال نبي الله موسى عليه السلام لقومه: لِمَ تؤذونني بالقول والفعل, وأنتم تعلمون أني رسول الله إليكم؟ فلما عدلوا عن الحق مع علمهم به, وأصرُّوا على ذلك، صرف الله قلوبهم عن قَبول الهداية؛ عقوبة لهم على زيغهم الذي اختاروه لأنفسهم. والله لا يهدي القوم الخارجين عن الطاعة ومنهاج الحق.
    551
    سورة الصف الجزء الثامن و العشرون
    وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)
    واذكر -أيها الرسول لقومك- حين قال عيسى ابن مريم لقومه: إني رسول الله إليكم, مصدِّقًا لما جاء قبلي من التوراة, وشاهدًا بصدق رسول يأتي من بعدي اسمه "أحمد", وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وداعيًا إلى التصديق به, فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالآيات الواضحات, قالوا: هـذا الذي جئتنا به سحر بيِّن.
    وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)
    ولا أحد أشد ظلمًا وعدونًا ممن اختلق على الله الكذب, وجعل له شركاء في عبادته, وهو يُدعى إلى الدخول في الإسلام وإخلاص العبادة لله وحده. والله لا يوفِّق الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والشرك, إلى ما فيه فلاحهم.
    يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (Cool
    يريد هؤلاء الظالمون أن يبطلوا الحق الذي بُعِثَ به محمد صلى الله عليه وسلم- وهو القرآن- بأقوالهم الكاذبة, والله مظهر الحق بإتمام دينه ولو كره الجاحدون المكذِّبون.
    هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)
    الله هو الذي أرسل رسوله محمدًا بالقرآن ودين الإسلام؛ ليعليه على كل الأديان المخالفة له, ولو كره المشركون ذلك.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, هل أُرشِدكم إلى تجارة عظيمة الشأن تنجيكم من عذاب موجع؟
    تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11)
    تداومون على إيمانكم بالله ورسوله, وتجاهدون في سبيل الله؛ لنصرة دينه بما تملكون من الأموال والأنفس, ذلك خير لكم من تجارة الدنيا, إن كنتم تعلمون مضارَّ الأشياء ومنافعها, فامتثلوا ذلك.
    يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13)
    إن فعلتم -أيها المؤمنون- ما أمركم الله به يستر عليكم ذنوبكم, ويدخلكم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار, ومساكن طاهرة زكية في جنات إقامة دائمة لا تنقطع, ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده. ونعمة أخرى لكم- أيها المؤمنون- تحبونها هي نصر من الله يأتيكم, وفتح عاجل يتم على أيديكم. وبشِّر المؤمنين -أيها النبي- بالنصر والفتح في الدنيا, والجنة في الآخرة.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)
    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, كونوا أنصارًا لدين الله, كما كان أصفياء عيسى أنصارًا لدين الله حين قال لهم عيسى: مَن يتولى منكم نصري وإعانتي فيما يُقرِّب إلى الله؟ قالوا: نحن أنصار دين الله, فاهتدت طائفة من بني إسرائيل, وضلَّت طائفة, فأيدنا الذين آمنوا بالله ورسوله, ونصرناهم على مَن عاداهم مِن فرق النصارى, فأصبحوا ظاهرين عليهم؛ وذلك ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
    552

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 10:36 am