منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

مرحبا بك أخى ( أختى )الكريم * يسعدنى ويشرفنى زيارتكم *ويسعدنى تسجيلكم فى المنتدى
أخوكم فى الله
أ/ أحمد محمد الصغير

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

مرحبا بك أخى ( أختى )الكريم * يسعدنى ويشرفنى زيارتكم *ويسعدنى تسجيلكم فى المنتدى
أخوكم فى الله
أ/ أحمد محمد الصغير

منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الأصدقاء أحمد محمد الصغير

إسلاميات علم ومعرفة ( فلسفة ومنطق + علم نفس وإجتماع+لغة عربية +لغة إنجليزية + لغة فرنسية +تاريخ +جغرافيا + فيزياء + كيمياء + أحياء +رياضيات + إقتصاد وإحصاء +جيولوجيا وعلوم بيئية + مستوى رفيع +أخرى )أخبار برامج ( للكمبيوتر+ النت+ تحميل برامج إسلامية )جديد

المواضيع الأخيرة

» مبادئ الفلسفة للصف الاول الثانوى 2018
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 30, 2018 12:24 pm من طرف أبويحيى

» كتاب:موسوعة ألف اختراع واختراع - التراث الإسلامي في عالمنا المؤلف :البروفيسور سليم الحسني
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء يناير 24, 2018 10:03 pm من طرف أبويحيى

» أخبار برشلونى اليوم
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء يناير 24, 2018 9:48 pm من طرف أبويحيى

» روابط مشاهدة جميع المباريات بدون تقطيع
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء يناير 24, 2018 9:44 pm من طرف أبويحيى

» منج الفلسفة والمنطق لعام 2016 الجديد
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 13, 2015 8:38 pm من طرف أبويحيى

» مذكرة الصف الأول الثانوى الجديد لعام 2015
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالأربعاء مارس 18, 2015 8:00 pm من طرف أبويحيى

» تحميل لعبة كرة القدم pes 2015 مجانا ً وبروابط مباشرة
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالسبت يناير 24, 2015 11:59 am من طرف أبويحيى

» اقوى مذكرة ادب وورد للصف الاول الثانوى مدعمة بتدريبات الاسئلة بمواصفات جديدة لواضع الاسئلة 2014
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 20, 2014 12:06 am من طرف أبويحيى

» مذكرة الاستاذ عبدة الجعر مراجعة قصة ابو الفوارس فصل فصل شامل كل الاسئلة الامتحانية بمواصفات 2014
تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 20, 2014 12:04 am من طرف أبويحيى

التبادل الاعلاني


انشاء منتدى مجاني




    تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم

    أبويحيى
    أبويحيى
    مدير المنتدى أ/أحمد محمد الصغير أحمد


    عدد المساهمات : 300
    تاريخ التسجيل : 15/02/2012
    العمر : 46

    تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم Empty تفسير الجزء السابع عشر من القرآن الكريم

    مُساهمة  أبويحيى الإثنين مارس 19, 2012 10:21 pm

    21 - سورة الأنبياء - مكية - عدد آياتها 112
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)
    دنا وقت حساب الناس على ما قدَّموا من عمل, ومع ذلك فالكفار يعيشون لاهين عن هذه الحقيقة, معرضين عن هذا الإنذار.
    مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)
    ما من شيء ينزل من القرآن يتلى عليهم مجدِّدًا لهم التذكير, إلا كان سماعهم له سماع لعب واستهزاء.
    لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)
    قلوبهم غافلة عن القرآن الكريم, مشغولة بأباطيل الدنيا وشهواتها, لا يعقلون ما فيه. بل إن الظالمين من قريش اجتمعوا على أمر خَفِيٍّ: وهو إشاعة ما يصدُّون به الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم من أنه بشر مثلهم, لا يختلف عنهم في شيء, وأن ما جاء به من القرآن سحر, فكيف تجيئون إليه وتتبعونه, وأنتم تبصرون أنه بشر مثلكم؟
    قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4)
    رد النبي صلى الله عليه وسلم الأمرَ إلى ربه سبحانه وتعالى فقال: ربي يعلم القول في السماء والأرض, ويعلم ما أسررتموه من حديثكم, وهو السميع لأقوالكم, العليم بأحوالكم. وفي هذا تهديد لهم ووعيد.
    بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلْ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5)
    بل جحد الكفار القرآن فمِن قائل: إنه أخلاط أحلام لا حقيقة لها, ومن قائل: إنه اختلاق وكذب وليس وحيًا, ومن قائل: إن محمدًا شاعر, وهذا الذي جاء به شعر, وإن أراد منا أن نصدِّقه فليجئنا بمعجزة محسوسة كناقة صالح, وآيات موسى وعيسى, وما جاء به الرسل من قبله.
    مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6)
    ما آمنت قبل كفار "مكة" من قرية طلب أهلها المعجزات مِن رسولهم وتحققت, بل كذَّبوا, فأهلكناهم, أفيؤمن كفار"مكة" إذا تحققت المعجزات التي طلبوها؟ كلا إنهم لا يؤمنون.
    وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (7)
    وما أرسلنا قبلك - أيها الرسول - إلا رجالا من البشر نوحي إليهم, ولم نرسل ملائكة, فاسألوا - يا كفار "مكة" - أهل العلم بالكتب المنزلة السابقة, إن كنتم تجهلون ذلك.
    وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (Cool
    وما جعلنا أولئك المرسلين قبلك خارجين عن طباع البشر لا يحتاجون إلى طعام وشراب, وما كانوا خالدين لا يموتون.
    ثُمَّ صَدَقْنَاهُمْ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)
    ثم أنجزنا للأنبياء وأتباعم ما وعدناهم به من النصر والنجاة, وأهلَكْنا المسرفين على أنفسهم بكفرهم بربهم.
    لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (10)
    لقد أنزلنا إليكم هذا القرآن, فيه عزُّكم وشرفكم في الدنيا والآخرة إن تذكرتم به, أفلا تعقلون ما فَضَّلْتكم به على غيركم؟
    322
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ (11)
    وكثير من القرى كان أهلها ظالمين بكفرهم بما جاءتهم به رسلهم, فأهلكناهم بعذاب أبادهم جميعًا, وأوجدنا بعدهم قومًا آخرين سواهم.
    فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12)
    فلما رأى هؤلاء الظالمون عذابنا الشديد نازلا بهم, وشاهدوا بوادره, إذا هم من قريتهم يسرعون هاربين.
    لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13)
    فنودوا في هذه الحال: لا تهربوا وارجعوا إلى لذاتكم وتنعُّمكم في دنياكم الملهية ومساكنكم المشيَّدة, لعلكم تُسألون من دنياكم شيئًا, وذلك على وجه السخرية والاستهزاء بهم.
    قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)
    فلم يكن لهم من جواب إلا اعترافهم بجرمهم وقولهم: يا هلاكنا, فقد ظلمنا أنفسنا بكفرنا.
    فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ (15)
    فما زالت تلك المقالة - وهي الدعاء على أنفسهم بالهلاك, والاعتراف بالظلم - دَعْوَتَهم يرددونها حتى جعلناهم كالزرع المحصود, خامدين لا حياة فيهم. فاحذروا - أيها المخاطبون - أن تستمروا على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم, فيحلُّ بكم ما حَلَّ بالأمم قبلكم.
    وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (16)
    وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما عبثًا وباطلا بل لإقامة الحجة عليكم - أيها الناس - ولتعتبروا بذلك كله, فتعلموا أن الذي خلق ذلك لا يشبهه شيء, ولا تصلح العبادة إلا له.
    لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)
    لو أردنا أن نتخذ لهوًا من الولد أو الصاحبة لاتخذناه من عندنا لا من عندكم, ما كنا فاعلين ذلك; لاستحالة أن يكون لنا ولد أو صاحبة.
    بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)
    بل نقذف بالحق ونبيِّنه, فيدحض الباطل, فإذا هو ذاهب مضمحل. ولكم العذاب في الآخرة - أيها المشركون - مِن وَصْفكم ربكم بغير صفته اللائقة به.
    وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (19)
    ولله سبحانه كل مَن في السموات والأرض, والذين عنده من الملائكة لا يأنَفُون عن عبادته ولا يملُّونها. فكيف يجوز أن يشرك به ما هو عبده وخلقه؟
    يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ (20)
    يذكرون الله وينزِّهونه دائمًا, لا يضْعُفون ولا يسأمون.
    أَمْ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21)
    كيف يصح للمشركين أن يتخذوا آلهة عاجزة من الأرض لا تقدر على إحياء الموتى؟
    لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)
    لو كان في السموات والأرض آلهة غير الله سبحانه وتعالى تدبر شؤونهما, لاختلَّ نظامهما, فتنزَّه الله رب العرش, وتقدَّس عَمَّا يصفه الجاحدون الكافرون, من الكذب والافتراء وكل نقص.
    لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)
    إن من دلائل تفرُّده سبحانه بالخلق والعبادة أنه لا يُسأل عن قضائه في خلقه, وجميع خلقه يُسألون عن أفعالهم.
    أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)
    هل اتخذ هؤلاء المشركون مِن غير الله آلهة تنفع وتضر وتحيي وتميت؟ قل - أيها الرسول - لهم: هاتوا ما لديكم من البرهان على ما اتخذتموه آلهة, فليس في القرآن الذي جئتُ به ولا في الكتب السابقة دليل على ما ذهبتم إليه, وما أشركوا إلا جهلا وتقليدًا, فهم معرضون عن الحق منكرون له.
    323
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
    وما أرسلنا من قبلك - أيها الرسول - من رسول إلا نوحي إليه أنه لا معبود بحق إلا الله, فأخْلصوا العبادة له وحده.
    وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)
    وقال المشركون: اتخذ الرحمن ولدًا بزعمهم أن الملائكة بنات الله. تنزَّه الله عن ذلك; فالملائكة عباد الله مقربون مخصصون بالفضائل, وهم في حسن طاعتهم لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم, ولا يعملون عملا حتى يأذن لهم.
    يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)
    وما من أعمال الملائكة عمل سابق أو لاحق إلا يعلمه الله سبحانه وتعالى, ويحصيه عليهم, ولا يتقدمون بالشفاعة إلا لمن ارتضى الله شفاعتهم له, وهم من خوف الله حذرون من مخالفة أمره ونهيه.
    وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)
    ومن يدَّع من الملائكة أنه إله مع الله - على سبيل الفرض - فجزاؤه جهنم, مثل ذلك الجزاء نجزي كل ظالم مشرك.
    أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30)
    أولم يعلم هؤلاء الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين لا فاصل بينهما, فلا مطر من السماء ولا نبات من الأرض, ففصلناهما بقدرتنا, وأنزلنا المطر من السماء, وأخرجنا النبات من الأرض, وجعلنا من الماء كل شيء حي, أفلا يؤمن هؤلاء الجاحدون فيصدقوا بما يشاهدونه, ويخصُّوا الله بالعبادة؟
    وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)
    وخلقنا في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تضطرب, وجعلنا فيها طرقًا واسعة; رجاء اهتداء الخلق إلى معايشهم, وتوحيد خالقهم.
    وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)
    وجعلنا السماء سقفًا للأرض لا يرفعها عماد, وهي محفوظة لا تسقط, ولا تخترقها الشياطين, والكفار عن الاعتبار بآيات السماء (الشمس والقمر والنجوم), غافلون لاهون عن التفكير فيها.
    وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)
    والله تعالى هو الذي خلق الليل; ليسكن الناس فيه, والنهار; ليطلبوا فيه المعايش, وخلق الشمس آية للنهار, والقمر آية للَّيل, ولكل منهما مدار يجري فيه وَيَسْبَح لا يحيد عنه.
    وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ (34)
    وما جعلنا لبشر من قبلك - أيها الرسول - دوام البقاء في الدنيا, أفإن مت فهم يُؤمِّلون الخلود بعدك؟ لا يكون هذا. وفي هذه الآية دليل على أن الخضر عليه السلام قد مات; لأنه بشر.
    كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)
    كل نفس ذائقة الموت لا محالة مهما عُمِّرت في الدنيا. وما وجودها في الحياة إلا ابتلاء بالتكاليف أمرًا ونهيًا, وبتقلب الأحوال خيرًا وشرًا, ثم المآل والمرجع بعد ذلك إلى الله - وحده - للحساب والجزاء.
    324
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)
    وإذا رآك الكفار - أيها الرسول - أشاروا إليك ساخرين منك بقول بعضهم لبعض: أهذا الرجل الذي يسبُّ آلهتكم؟ وجحدوا بالرحمن ونعمه, وبما أنزله من القرآن والهدى.
    خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (37)
    خُلق الإنسان عجولا يبادر الأشياء ويستعجل وقوعها. وقد استعجلت قريش العذاب واستبطأته, فأنذرهم الله بأنه سيريهم ما يستعجلونه من العذاب, فلا يسألوا الله تعجيله وسرعته.
    وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (38)
    ويقول الكفار - مستعجلين العذاب مستهزئين - : متى حصول ما تَعِدُنا به يا محمد, إن كنت أنت ومَن اتبعك من الصادقين؟
    لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمْ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)
    لو يعلم هؤلاء الكفار ما يلاقونه عندما لا يستطيعون أن يدفعوا عن وجوههم وظهورهم النار, ولا يجدون لهم ناصرًا ينصرهم, لما أقاموا على كفرهم, ولما استعجلوا عذابهم.
    بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ (40)
    ولسوف تأتيهم الساعة فجأة, فيتحيَّرون عند ذلك, ويخافون خوفًا عظيمًا, ولا يستطيعون دَفْعَ العذاب عن أنفسهم, ولا يُمْهلون لاستدراك توبة واعتذار.
    وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (41)
    ولقد استهزئ برسل مِن قبلك أيها الرسول, فحلَّ بالذين كانوا يستهزئون العذاب الذي كان مَثار سخريتهم واستهزائهم.
    قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42)
    قل - أيها الرسول - لهؤلاء المستعجلين بالعذاب: لا أحد يحفظكم ويحرسكم في ليلكم أو نهاركم, في نومكم أو يقظتكم, مِن بأس الرحمن إذا نزل بكم. بل هم عن القرآن ومواعظ ربهم لاهون غافلون.
    أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)
    أَلَهُمْ آلهة تمنعهم من عذابنا؟ إنَّ آلهتهم لا يستطيعون أن ينصروا أنفسهم, فكيف ينصرون عابديهم؟ وهم منا لا يُجارون.
    بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمْ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمْ الْغَالِبُونَ (44)
    لقد اغترَّ الكفار وآباؤهم بالإمهال لِمَا رأوه من الأموال والبنين وطول الأعمار, فأقاموا على كفرهم لا يَبْرحونه, وظنوا أنهم لا يُعذَّبون وقد غَفَلوا عن سُنَّة ماضية, فالله ينقص الأرض من جوانبها بما ينزله بالمشركين مِن بأس في كل ناحية ومِن هزيمة, أيكون بوسع كفار "مكة" الخروج عن قدرة الله, أو الامتناع من الموت؟
    325
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ (45)
    قل - أيها الرسول - لمن أُرسلتَ إليهم: ما أُخوِّفكم من العذاب إلا بوحي من الله, وهو القرآن, ولكن الكفار لا يسمعون ما يُلقى إليهم سماع تدبر إذا أُنذِورا, فلا ينتفعون به.
    وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46)
    لو أصاب الكفارَ نصيب من عذاب الله لعلموا عاقبة تكذيبهم, وقابلوا ذلك بالدعاء على أنفسهم بالهلاك; بسبب ظلمهم لأنفسهم بعبادتهم غير الله.
    وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)
    ويضع الله تعالى الميزان العادل للحساب في يوم القيامة, ولا يظلم هؤلاء ولا غيرهم شيئًا, وإن كان هذا العمل قدْرَ ذرة مِن خير أو شر اعتبرت في حساب صاحبها. وكفى بالله محصيًا أعمال عباده, ومجازيًا لهم عليها.
    وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنْ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)
    ولقد آتينا موسى وهارون حجة ونصرًا على عدوهما, وكتابًا - وهو التوراة - فَرَقْنا به بين الحق والباطل, ونورًا يهتدي به المتقون الذين يخافون عقاب ربهم, وهم من الساعة التي تقوم فيها القيامة خائفون وجلون.
    وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (50)
    وهذا القرآن الذي أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ذِكْرٌ لمن تذكَّر به, وعمل بأوامره واجتنب نواهيه, كثير الخير, عظيم النفع, أفتنكرونه وهو في غاية الجلاء والظهور؟
    وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)
    ولقد آتينا إبراهيم هداه, الذي دعا الناس إليه من قبل موسى وهارون, وكنَّا عالمين أنه أهل لذلك.
    إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)
    حين قال لأبيه وقومه: ما هذه الأصنام التي صنعتموها, ثم أقمتم على عبادتها ملازمين لها؟
    قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)
    قالوا: وجدنا آباءنا عابدين لها, ونحن نعبدها اقتداء بهم.
    قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (54)
    قال لهم إبراهيم: لقد كنتم أنتم وآباؤكم في عبادتكم لهذه الأصنام في بُعْد واضح بيِّن عن الحق.
    قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنْ اللاَّعِبِينَ (55)
    قالوا: أهذا القول الذي جئتنا به حق وَجِدٌّ, أم كلامك لنا كلام لاعبٍ مستهزئ لا يدري ما يقول؟
    قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ (56)
    قال لهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام: بل ربكم الذي أدعوكم إلى عبادته هو رب السموات والأرض الذي خلقهنَّ, وأنا من الشاهدين على ذلك.
    وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)
    وتالله لأمكرنَّ بأصنامكم وأكسِّرها بعد أن تتولَّوا عنها ذاهبين.
    326
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)
    فحطم إبراهيم الأصنام وجعلها قطعًا صغيرة, وترك كبيرها; كي يرجع القوم إليه ويسألوه، فيتبين عجزهم وضلالهم, وتقوم الحجة عليهم.
    قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ (59)
    ورجع القوم, ورأوا أصنامهم محطمة مهانة, فسأل بعضهم بعضًا: مَن فعل هذا بآلهتنا؟ إنه لظالم في اجترائه على الآلهة المستحقة للتعظيم والتوقير.
    قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)
    قال مَن سمع إبراهيم يحلف بأنه سيكيد أصنامهم: سمعنا فتى يقال له إبراهيم, يذكر الأصنام بسوء.
    قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)
    قال رؤساؤهم: فَأْتوا بإبراهيم على مرأى من الناس; كي يشهدوا على اعترافه بما قال; ليكون ذلك حجة عليه.
    قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)
    وجيء بإبراهيم وسألوه منكرين: أأنت الذي كسَّرْتَ آلهتنا؟ يعنون أصنامهم.
    قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ (63)
    وتمَّ لإبراهيم ما أراد من إظهار سفههم على مرأى منهم. فقال محتجًا عليهم معرِّضًا بغباوتهم: بل الذي كسَّرها هذا الصنم الكبير, فاسألوا آلهتكم المزعومة عن ذلك, إن كانت تتكلم أو تُحير جوابًا.
    فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ (64)
    فأُسقِط في أيديهم, وبدا لهم ضلالهم; كيف يعبدونها, وهي عاجزة عن أن تدفع عن نفسها شيئًا أو أن تجيب سائلها؟ وأقرُّوا على أنفسهم بالظلم والشرك.
    ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ (65)
    وسُرعان ما عاد إليهم عنادهم بعد إفحامهم, فانقلبوا إلى الباطل, واحتجُّوا على إبراهيم بما هو حجة له عليهم, فقالوا: كيف نسألها, وقد علمتَ أنها لا تنطق؟
    قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67)
    قال إبراهيم محقِّرًا لشأن الأصنام: كيف تعبدون أصنامًا لا تنفع إذا عُبدت, ولا تضرُّ إذا تُركت؟ قبحًا لكم ولآلهتكم التي تعبدونها من دون الله تعالى, أفلا تعقلون فتدركون سوء ما أنتم عليه؟
    قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)
    لما بطلت حجتهم وظهر الحق عدلوا إلى استعمال سلطانهم, وقالوا: حَرِّقوا إبراهيم بالنار; غضبًا لآلهتكم إن كنتم ناصرين لها. فأشْعَلوا نارًا عظيمة وألقوه فيها. فانتصر الله لرسوله وقال للنار: كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم, فلم يَنَلْه فيها أذى, ولم يصبه مكروه.
    وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ (70)
    وأراد القوم بإبراهيم الهلاك فأبطل الله كيدهم, وجعلهم المغلوبين الأسفلين.
    وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)
    ونجينا إبراهيم ولوطًا الذي آمن به من "العراق"، وأخرجناهما إلى أرض "الشام" التي باركنا فيها بكثرة الخيرات, وفيها أكثر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
    وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72)
    وأنعم الله على إبراهيم, فوهب له ابنه إسحاق حين دعاه, ووهب له من إسحاق يعقوب زيادة على ذلك, وكلٌّ من إبراهيم وإسحاق ويعقوب جعله الله صالحًا مطيعًا له.
    327
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)
    وجعلنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب قدوة للناس يدعونهم إلى عبادته وطاعته بإذنه تعالى, وأوحينا إليهم فِعْلَ الخيرات من العمل بشرائع الأنبياء, وإقام الصلاة على وجهها, وإيتاء الزكاة, فامتثلوا لذلك, وكانوا منقادين مطيعين لله وحده دون سواه.
    وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74)
    وآتينا لوطًا النبوة وفصل القضاء بين الخصوم وعلمًا بأمر الله ودينه, ونجيناه من قريته "سدوم" التي كان يعمل أهلها الخبائث. إنهم كانوا بسبب الخبائث والمنكرات التي يأتونها أهل سوء وقُبْح, خارجين عن طاعة الله.
    وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (75)
    وأتمَّ الله عليه النعمة فأدخله في رحمته بإنجائه ممَّا حلَّ بقومه; لأنه كان من الذين يعملون بطاعة الله.
    وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)
    واذكر - أيها الرسول - نوحا حين نادى ربه مِن قبلك ومِن قبل إبراهيم ولوط, فاستجبنا له دعاءه, فنجيناه وأهله المؤمنين به من الغم الشديد.
    وَنَصَرْنَاهُ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)
    ونصرناه مِن كيد القوم الذين كذَّبوا بآياتنا الدالة على صدقه, إنهم كانوا أهل قُبْح, فأغرقناهم بالطوفان أجمعين.
    وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
    واذكر - أيها الرسول - نبي الله داود وابنه سليمان, إذ يحكمان في قضية عرَضَها خصمان, عَدَت غنم أحدهما على زرع الآخر, وانتشرت فيه ليلا فأتلفت الزرع, فحكم داود بأن تكون الغنم لصاحب الزرع ملْكًا بما أتلفته, فقيمتهما سواء, وكنَّا لحكمهم شاهدين لم يَغِبْ عنا.
    فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)
    فَفَهَّمنا سليمان مراعاة مصلحة الطرفين مع العدل, فحكم على صاحب الغنم بإصلاح الزرع التالف في فترة يستفيد فيها صاحب الزرع بمنافع الغنم من لبن وصوف ونحوهما, ثم تعود الغنم إلى صاحبها والزرع إلى صاحبه; لمساواة قيمة ما تلف من الزرع لمنفعة الغنم, وكلا من داود وسليمان أعطيناه حكمًا وعلمًا, ومننَّا على داود بتطويع الجبال تسبِّح معه إذا سبَّح, وكذلك الطير تسبِّح, وكنا فاعلين ذلك.
    وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)
    واختصَّ الله داود عليه السلام بأن علَّمه صناعة الدروع يعملها حِلَقًا متشابكة, تسهِّل حركة الجسم; لتحمي المحاربين مِن وَقْع السلاح فيهم, فهل أنتم شاكرون نعمة الله عليكم حيث أجراها على يد عبده داود؟
    وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)
    وسخَّرنا لسليمان الريح شديدة الهبوب تحمله ومَن معه, تجري بأمره إلى أرض "بيت المقدس" بـ "الشام" التي باركنا فيها بالخيرات الكثيرة، وقد أحاط علمنا بجميع الأشياء.
    328
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    وَمِنْ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)
    وسخَّرنا لسليمان من الشياطين شياطين يستخدمهم فيما يَعْجِز عنه غيرهم, فكانوا يغوصون في البحر يستخرجون له اللآلئ والجواهر, وكانوا يعملون كذلك في صناعة ما يريده منهم, لا يقدرون على الامتناع مما يريده منهم, حفظهم الله له بقوته وعزه سبحانه وتعالى.
    وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)
    واذكر - أيها الرسول - عبدنا أيوب, إذ ابتليناه بضر وسقم عظيم في جسده, وفقد أهله وماله وولده, فصبر واحتسب, ونادى ربه عز وجل أني قد أصابني الضر, وأنت أرحم الراحمين, فاكشفه عني.
    فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)
    فاستجبنا له دعاءه, ورفعنا عنه البلاء, ورددنا عليه ما فقده من أهل وولد ومال مضاعفًا, فَعَلْنا به ذلك رحمة منَّا, وليكون قدوة لكل صابر على البلاء, راجٍ رحمة ربه, عابد له.
    وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنْ الصَّابِرِينَ (85)
    واذكر إسماعيل وإدريس وذا الكفل, كل هؤلاء من الصابرين على طاعة الله سبحانه وتعالى, وعن معاصيه, وعلى أقداره, فاستحقوا الذكر بالثناء الجميل.
    وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنْ الصَّالِحِينَ (86)
    وأدخلناهم في رحمتنا, إنهم ممن صلح باطنه وظاهره, فأطاع الله وعمل بما أمره به.
    وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ (87)
    واذكر قصة صاحب الحوت, وهو يونس بن مَتَّى عليه السلام, أرسله الله إلى قومه فدعاهم فلم يؤمنوا, فتوعَّدهم بالعذاب فلم ينيبوا, ولم يصبر عليهم كما أمره الله, وخرج مِن بينهم غاضبًا عليهم, ضائقًا صدره بعصيانهم, وظن أن الله لن يضيِّق عليه ويؤاخذه بهذه المخالفة, فابتلاه الله بشدة الضيق والحبس, والتقمه الحوت في البحر, فنادى ربه في ظلمات الليل والبحر وبطن الحوت تائبًا معترفًا بظلمه; لتركه الصبر على قومه, قائلا: لا إله إلا أنت سبحانك, إني كنت من الظالمين.
    فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)
    فاستجبنا له دعاءه, وخلَّصناه مِن غَم هذه الشدة, وكذلك ننجي المصدِّقين العاملين بشرعنا.
    وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)
    واذكر - أيها الرسول - قصة عبد الله زكريا حين دعا ربه أن يرزقه الذرية لما كَبِرت سنُّه قائلا رب لا تتركني وحيدًا لا عقب لي, هب لي وارثًا يقوم بأمر الدين في الناس من بعدي, وأنت خير الباقين وخير مَن خلفني بخير.
    فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)
    فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له على الكبر ابنه يحيى, وجعلنا زوجته صالحة في أخلاقها وصالحة للحمل والولادة بعد أن كانت عاقرًا, إنهم كانوا يبادرون إلى كل خير, ويدعوننا راغبين فيما عندنا, خائفين من عقوبتنا, وكانوا لنا خاضعين متواضعين.
    329
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)
    واذكر - أيها الرسول - قصة مريم ابنة عمران التي حفظت فرجها من الحرام, ولم تأتِ فاحشة في حياتها, فأرسل الله إليها جبريل عليه السلام, فنفخ في جيب قميصها, فوصلت النفخة إلى رحمها, فخلق الله بذلك النفخ المسيح عيسى عليه السلام, فحملت به من غير زوج, فكانت هي وابنها بذلك علامة على قدرة الله, وعبرة للخلق إلى قيام الساعة.
    إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)
    هؤلاء الأنبياء جميعًا دينهم واحد, الإسلام, وهو الاستسلام لله بالطاعة وإفراده بالعبادة, والله سبحانه وتعالى رب الخلق فاعبدوه - أيها الناس - وحده لا شريك له.
    وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)
    لكن الناس اختلفوا على رسلهم, وتفرَّق كثير من أتباعهم في الدين شيعًا وأحزابًا, فعبدوا المخلوقين والأهواء, وكلهم راجعون إلينا ومحاسبون على ما فعلوا.
    فَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94)
    فمن التزم الإيمان بالله ورسله, وعمل ما يستطيع من صالح الأعمال طاعةً لله وعبادة له فلا يضيع الله عمله ولا يبطله، بل يضاعفه كله أضعافًا كثيرة, وسيجد ما عمله في كتابه يوم يُبْعث بعد موته.
    وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (95)
    وممتنع على أهل القرى التي أهلكناها بسبب كفرهم وظلمهم, رجوعهم إلى الدنيا قبل يوم القيامة; ليستدركوا ما فرطوا فيه.
    حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)
    فإذا فُتِح سد يأجوج ومأجوج, وانطلقوا من مرتفعات الأرض وانتشروا في جنباتها مسرعين, دنا يوم القيامة وبدَتْ أهواله فإذا أبصار الكفار مِن شدة الفزع مفتوحة لا تكاد تَطْرِف, يدعون على أنفسهم بالويل في حسرة: يا ويلنا قد كنا لاهين غافلين عن هذا اليوم وعن الإعداد له, وكنا بذلك ظالمين.
    إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)
    إنكم - أيها الكفار - وما كنتم تعبدون من دون الله من الأصنام ومَن رضي بعبادتكم إياه من الجن والإنس, وقود جهنم وحطبها, أنتم وهم فيها داخلون.
    لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99)
    لو كان هؤلاء الذين عبدتموهم من دون الله تعالى آلهة تستحق العبادة ما دخلوا نار جهنم معكم أيها المشركون, إنَّ كلا من العابدين والمعبودين خالدون في نار جهنم.
    لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ (100)
    لهؤلاء المعذبين في النار آلام ينبئ عنها زفيرهم الذي تتردد فيه أنفاسهم, وهم في النار لا يسمعون; من هول عذابهم.
    إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)
    إن الذين سبقت لهم منا سابقة السعادة الحسنة في علمنا بكونهم من أهل الجنة, أولئك عن النار مبعدون, فلا يدخلونها ولا يكونون قريبًا منها.
    330
    سورة الأنبياء الجزء السابع عشر
    لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)
    لا يسمعون صوت لهيبها واحتراق الأجساد فيها فقد سكنوا منازلهم في الجنة, وأصبحوا فيما تشتهيه نفوسهم من نعيمها ولذاتها مقيمين إقامةً دائمة.
    لا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)
    لا يخيفهم الهول العظيم يوم القيامة, بل تبشرهم الملائكة: هذا يومكم الذي وُعِدتُم فيه الكرامة من الله وجزيل الثواب. يوم نطوي السماء كما تُطْوى الصحيفة على ما كُتب فيها, ونبعث فيه الخلق على هيئة خَلْقنا لهم أول مرة كما ولدتهم أمهاتهم, ذلك وعد الله الذي لا يتخلَّف, وَعَدْنا بذلك وعدًا حقًا علينا, إنا كنا فاعلين دائمًا ما نَعِدُ به.
    وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (105)
    ولقد كتبنا في الكتب المنزلة من بعد ما كُتِب في اللوح المحفوظ: أن الأرض يرثها عباد الله الصالحون الذين قاموا بما أُمروا به, واجتنبوا ما نُهوا عنه, وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
    إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)
    إن في هذا المتلوِّ من الموعظة لَعبرة كافية لقوم عابدين الله بما شرعه لهم ورضيه منهم.
    وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)
    وما أرسلناك - أيها الرسول - إلا رحمة لجميع الناس, فمن آمن بك سَعِد ونجا, ومن لم يؤمن خاب وخسر.
    قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108)
    قل: إن الذي أُوحي إليَّ وبُعِثت به: أن إلهكم الذي يستحق العبادة وحده هو الله, فأسلموا له, وانقادوا لعبادته.
    فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109)
    فإن أعرض هؤلاء عن الإسلام فقل لهم: أبلغكم جميعًا ما أوحاه الله تعالى إليَّ, فأنا وأنتم مستوون في العلم لمَّا أنذرتكم وحذرتكم, ولستُ أعلم - بعد ذلك - متى يحل بكم ما وُعِدْتُم به من العذاب؟
    إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنْ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110)
    إن الله يعلم ما تجهرون به من أقوالكم, وما تكتمونه في سرائركم, وسيحاسبكم عليه.
    وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111)
    ولست أدري لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه استدراج لكم وابتلاء, وأن تتمتعوا في الدنيا إلى حين; لتزدادوا كفرًا, ثم يكون أعظم لعقوبتكم.
    قَالَ رَبِّ احْكُمْ ‎بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: ربِّ افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالقضاء الحق. ونسأل ربنا الرحمن, ونستعين به على ما تَصِفونه - أيها الكفار - من الشرك والتكذيب والافتراء عليه، وما تتوعدونا به من الظهور والغلبة .
    331
    22 - سورة الحج - مدنية - 78
    سورة الحج الجزء السابع عشر
    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)
    يا أيها الناس احذروا عقاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, إن ما يحدث عند قيام الساعة من أهوال وحركة شديدة للأرض, تتصدع منها كل جوانبها, شيء عظيم, لا يُقْدر قدره ولا يُبْلغ كنهه، ولا يعلم كيفيَّته إلا رب العالمين.
    يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)
    يوم ترون قيام الساعة تنسى الوالدةُ رضيعَها الذي ألقمته ثديها؛ لِمَا نزل بها من الكرب, وتُسْقط الحامل حملها من الرعب, وتغيب عقول للناس, فهم كالسكارى من شدة الهول والفزع, وليسوا بسكارى من الخمر, ولكن شدة العذاب أفقدتهم عقولهم وإدراكهم.
    وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3)
    وبعض رؤوس الكفر من الناس يخاصمون ويشككون في قدرة الله على البعث; جهلا منهم بحقيقة هذه القدرة, واتباعًا لأئمة الضلال من كل شيطان متمرد على الله ورسله.
    كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)
    قضى الله وقدَّر على هذا الشيطان أنه يُضِل كل من اتبعه, ولا يهديه إلى الحق, بل يسوقه إلى عذاب جهنم الموقدة جزاء اتباعه إياه.
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
    يا أيها الناس إن كنتم في شك من أن الله يُحيي الموتى فإنَّا خلقنا أباكم آدم من تراب, ثم تناسلت ذريته من نطفة, هي المنيُّ يقذفه الرجل في رحم المرأة, فيتحول بقدرة الله إلى علقة, وهي الدم الأحمر الغليظ, ثم إلى مضغة, وهي قطعة لحم صغيرة قَدْر ما يُمْضَغ, فتكون تارة مخلَّقة, أي تامة الخلق تنتهي إلى خروح الجنين حيًا, وغير تامة الخلق تارة أخرى, فتسقط لغير تمام؛ لنبيِّن لكم تمام قدرتنا بتصريف أطوار الخلق, ونبقي في الأرحام ما نشاء, وهو المخلَّق إلى وقت ولادته, وتكتمل الأطوار بولادة الأجنَّة أطفالا صغارًا تكبَرُ حتى تبلغ الأشد, وهو وقت الشباب والقوة واكتمال العقل, وبعض الأطفال قد يموت قبل ذلك, وبعضهم يكبَرُ حتى يبلغ سن الهرم وضَعْف العقل; فلا يعلم هذا المعمَّر شيئًا مما كان يعلمه قبل ذلك. وترى الأرض يابسةً ميتة لا نبات فيها, فإذا أنزلنا عليها الماء تحركت بالنبات تتفتح عنه, وارتفعت وزادت لارتوائها, وأنبتت من كل نوع من أنواع النبات الحسن الذي يَسُرُّ الناظرين.
    332
    سورة الحج الجزء السابع عشر
    ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
    ذلك المذكور مما تقدَّم من آيات قدرة الله تعالى, فيه دلالة قاطعة على أن الله سبحانه وتعالى هو الرب المعبود بحق, الذي لا تنبغي العبادة إلا له, وهو يُحيي الموتى, وهو قادر على كل شيء.
    وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)
    وأن ساعة البعث آتية, لا شك في ذلك, وأن الله يبعث الموتى مِن قبورهم لحسابهم وجزائهم.
    وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (Cool ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)
    ومن الكفار مَن يجادل بالباطل في الله وتوحيده واختياره رسوله صلى الله عليه وسلم وإنزاله القرآن، وذلك الجدال بغير علم، ولا بيان، ولا كتاب من الله فيه برهان وحجة واضحة، لاويًا عنقه في تكبر، معرضًا عن الحق ؛ ليصد غيره عن الدخول في دين الله، فسوف يلقى خزيًا في الدنيا باندحاره وافتضاح أمره، ونحرقه يوم القيامة بالنار.
    ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10)
    ويقال له: ذلك العذاب بسبب ما فَعَلْتَ من المعاصي واكتسبت من الآثام، والله لا يعذب أحدًا بغير ذنب.
    وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)
    ومن الناس مَن يدخل في الإسلام على ضعف وشكٍّ، فيعبد الله على تردده، كالذي يقف على طرف جبل أو حائط لا يتماسك في وقفته، ويربط إيمانه بدنياه, فإن عاش في صحة وسَعَة استمر على عبادته, وإن حصل له ابتلاء بمكروه وشدة عزا شؤم ذلك إلى دينه, فرجع عنه كمن ينقلب على وجهه بعد استقامة، فهو بذلك قد خسر الدنيا؛ إذ لا يغيِّر كفرُه ما قُدِّر له في دنياه, وخسر الآخرة بدخوله النار، وذلك خسران بيِّن واضح. يعبد ذلك الخاسر من دون الله ما لا يضره إن تركه، ولا ينفعه إذا عبده، ذلك هو الضلال البعيد عن الحق. يدعو مَن ضررُه المحقق أقرب من نفعه، قبح ذلك المعبود نصيرًا، وقبح عشيرًا.
    إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14)
    إن الله يدخل الذين آمنوا بالله ورسوله، وثبتوا على ذلك، وعملوا الصالحات، جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، إن الله يفعل ما يريد من ثواب أهل طاعته تفضلا وعقاب أهل معصيته عدلا.
    مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)
    من كان يعتقد أن الله تعالى لن يؤيد رسوله محمدًا بالنصر في الدنيا بإظهار دينه, وفي الآخرة بإعلاء درجته, وعذابِ مَن كذَّبه، فلْيَمدُدْ حبلا إلى سقف بيته وليخنق به نفسه, ثم ليقطع ذلك الحبل، ثم لينظر: هل يُذْهِبنَّ ذلك ما يجد في نفسه من الغيظ؟ فإن الله تعالى ناصرٌ نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم لا محالة.
    333

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 7:29 pm